وكلاليب جمع كلوب بالتشديد وتقدم ضبطه وبيانه في أواخر كتاب الجنائز قال القاضي أبو بكر بن العربي هذه الكلاليب هي الشهوات المشار إليها في الحديث الماضي حفت النار بالشهوات قال فالشهوات موضوعة على جوانبها فمن اقتحم الشهوة سقط في النار لأنها خطا طيفها وفي حديث حذيفة وترسل الأمانة والرحم فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا أي يقفان في ناحيتي الصراط وهي بفتح الجيم والنون بعدها موحدة ويجوز سكون النون والمعنى ان الأمانة والرحم لعظم شأنهما وفخامة ما يلزم العباد من رعاية حقهما يوقفان هناك للأمين والخائن والمواصل والقاطع فيحاجان عن المحق ويشهدان على المبطل قال الطيبي ويمكن أن يكون المراد بالأمانة ما في قوله تعالى انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض الآية وصلة الرحم ما في قوله تعالى واتقوا الله إلي تساءلون به والأرحام فيدخل فيه معنى التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله فكأنهما اكتنفتا جنبتي الاسلام الذي هو الصراط المستقيم وفطرتي الايمان والدين القويم (قوله مثل شوك السعدان) بالسين والعين المهملتين بلفظ التثنية والسعدان جمع سعدانة وهو نبات ذو شوك يضرب به المثل في طيب مرعاة قالوا مرعى ولا كالسعدان (قوله أما رأيتم شوك السعدان) هو استفهام تقرير لاستحضار الصورة المذكورة (قوله غير أنها لا يعلم قدر عظمها الا الله) أي الشوكة والهاء ضمير الشأن ووقع في رواية الكشميهني غير أنه وقع في رواية مسلم لا يعلم ما قدر عظمها الا الله قال القرطبي فيدنأه أي لفظ قدر عن بعض مشايخنا بضم الراء على أنه يكون استفهاما وقدر مبتدأ وبنصبها على أن يكون ما زائدة وقدر مفعول يعلم (قوله فتخطف الناس بأعمالهم) بكسر الطاء وبفتحها قال ثعلب في الفصيح خطف بالكسر في الماضي وبالفتح في المضارع وحكى القزاز عكسه والكسر في المضارع أفصح قال الزين بن المنير تشبيه الكلاليب بشوك السعدان خاص بسرعة اختطافها وكسرة الانتشاب فيها مع التحرز والتصون تمثيلا لهم بما عرفوه في الدنيا وألفوه بالمباشرة ثم استثنى إشارة إلى أن التشبيه لم يقع في مقدارهما وفي رواية السدي وبحافتيه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس ووقع في حديث أبي سعيد قلنا وما الجسر قال مدحضة مزلة أي زلق يزلق فيه الاقدام ويأتي ضبط ذلك في كتاب التوحيد ووقع عند مسلم قال أبو سعيد بلغني أن الصراط أحد من السيف وأدق من الشعرة ووقع في رواية ابن منده من هذا الوجه قال سعيد بن أبي هلال بلغني ووصله البيهقي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مجزوما به وفي سنده لين ولابن المبارك عن مرسل عبيد بن عمير أن الصراط مثل السيف وبجنبتيه كلاليب انه ليؤخذ بالكلوب الواحد أكثر من ربيعة ومضر وأخرجه ابن أبي الدنيا من هذا الوجه وفيه والملائكة على جنبتيه يقولون رب سلم سلم وجاء عن الفضيل بن عياض قال بلغنا ان الصراط مسيرة خمسة عشر ألف سنة خمسة آلاف صعود وخمسة آلاف هبوط وخمسة آلاف مستوى أدق من الشعرة وأحد من السيف على متن جهنم لا يجوز عيه الا ضامر مهزول من خشية الله أخرجه ابن عساكر في ترجمته وهذا معضل لا يثبت وعن سعيد بن أبي هلال قال بلغنا ان الصراط أدق من الشعر على بعض الناس ولبعض الناس مثل الوادي الواسع أخرجه ابن المبارك وابن أبي الدنيا وهو مرسل أو معضل وأخرج الطبري من طريق غنيم بن قيس أحد التابعين قال تمثل النار للناس ثم يناديها مناد أمسكي أصحابك ودعي
(٣٩٥)