ثم ينادي مناد ألا لتتبع كل أمة ما كانت تعبد (قوله ومن كان يعبد الطواغيت) الطواغيت جمع طاغوت وهو الشيطان والصنم ويكون جمعا ومفردا ومذكرا ومؤنثا وقد تقدمت الإشارة إلى شئ من ذلك في تفسير سورة النساء وقال الطبري الصواب عندي أنه كل طاغ طغى على الله يعبد من دونه اما بقهر منه لمن عبد واما بطاعة ممن عبد انسانا كان أو شيطانا أو حيوانا أو جمادا قال فاتباعهم لهم حينئذ باستمرارهم على الاعتقاد فيهم ويحتمل أن يتبعوهم بأن يساقوا إلى النار قهرا ووقع في حديث أبي سعيد الآتي في التوحيد فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم وأصحاب الأوثان مع أوثانهم وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم وفيه إشارة إلى أن كل من كان يعبد الشيطان ونحوه ممن يرضى بذلك أو الجماد والحيوان داخلون في ذلك وأما من كان يعبد من لا يرضى بذلك كالملائكة والمسيح فلا لكن وقع في حديث ابن مسعود فيتمثل لهم ما كانوا يعبدون فينطلقون وفي رواية العلاء بن عبد الرحمن فيتمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره فافادت هذه الزيادة تعميم من كان يعبد غير الله الا من سيذكر من اليهود والنصارى فإنه يخص من عموم ذلك بدليله الآتي ذكره وأما التعبير بالتمثيل فقال ابن العربي يحتمل أن يكون التمثيل تلبيسا عليهم ويحتمل أن يكون التمثيل لمن لا يستحق التعذيب وأما من سواهم فيحضرون حقيقة لقوله تعالى انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم (قوله وتبقى هذه الأمة) قال ابن أبي جمرة يحتمل أن يكون المراد بالأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يحمل على أعم من ذلك فيدخل فيه جميع أهل التوحيد حتى من الجن ويدل عليه ما في بقية الحديث انه يبقى من كان يعبد الله من بر وفاجر (قلت) ويؤخذ أيضا من قوله في بقية هذا الحديث فأكون أول من يجيز فإن فيه إشارة إلى أن الأنبياء بعده يجيزون أممهم (قوله فيها منافقوها) كذا للأكثر وفي رواية إبراهيم بن سعد فيها شافعوها أو منافقوها شك إبراهيم والأول المعتمد وزاد في حديث أبي سعيد حتى يبقى من كان يعبد الله من بر وفاجر وغبرات أهل الكتاب بضم الغين المعجمة وتشديد الموحدة وفي رواية مسلم وغبر وكلاهما جمع غابر أو الغبرات جمع غبر وغبر جمع غابر ويجمع أيضا على اغبار وغبر الشئ بقيته وجاء بسكون الموحدة والمراد هنا من كان يوحد الله منهم وصحفه بعضهم في مسلم بالتحتانية بلفظ التي للاستثناء وجزم عياض وغيره بأنه وهم قال ابن أبي جمرة لم يذكر في الخبر مآل المذكورين لكن لما كان من المعلوم ان استقرار الطواغيت في النار علم بذلك انهم معهم في النار كما قال تعالى فاوردهم النار (قلت) وقد وقع في رواية سهيل التي أشرت إليها قريبا فتتبع الشياطين والصليب أولياؤهم إلى جهنم ووقع في حديث أبي سعيد من الزيادة ثم يؤتى بجهنم كأنها سراب بمهملة ثم موحدة فيقال لليهود ما كنتم تعبدون الحديث وفيه ذكر النصارى وفيه فيتساقطون في جهنم حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر وفي رواية هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عند ابن خزيمة وابن منده وأصله في مسلم فلا يبقى أحد كان يعبد صنما ولا وثنا ولا صورة الا ذهبوا حتى يتساقطوا في النار وفي رواية العلاء بن عبد الرحمن فيطرح منهم فيها فوج ويقال هل امتلأت فتقول هل من مزيد الحديث وكان اليهود وكذا النصارى ممن كان لا يعبد الصلبان لما كانوا يدعون انهم يعبدون الله تعالى تأخروا مع المسلمين فلما (1) حققوا على عبادة من ذكر من الأنبياء الحقوا بأصحاب الأوثان ويؤيده قوله تعالى ان الذين كفروا من أهل الكتاب
(٣٩٠)