مراتبهم فيه متفاوتة وقال البيضاوي يحتمل أن يكون المراد من ليس له عمل يستحق به الرحمة والخلاص لان احتياجه إلى الشفاعة أكثر وانتفاعه بها أوفى والله أعلم الحديث الثاني والعشرون (قوله جرير) هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر وإبراهيم هو النخعي وعبيدة بفتح أوله هو ابن عمرو وهذا السند كله كوفيون (قوله اني لاعلم آخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا فيها) قال عياض جاء نحو هذا في آخر من يجوز على الصراط يعني كما يأتي في آخر الباب الذي يليه قال فيحتمل أنهما اثنان اما شخصان واما نوعان أو جنسان وعبر فيه بالواحد عن الجماعة لاشتراكهم في الحكم الذي كان سبب ذلك ويحتمل أن يكون الخروج هنا بمعنى الورود وهو الجواز على الصراط فيتحد المعنى اما في شخص واحد أو أكثر (قلت) وقع عند مسلم من رواية أنس عن ابن مسعود ما يقوى الاحتمال الثاني ولفظه آخر من يدخل الجنة رجل فهو يمشي مرة ويكبو مرة وتسفعه النار مرة فإذا ما جاوزها التفت إليها فقال تبارك الذي نجاني منك وعند الحاكم من طريق مسروق عن ابن مسعود ما يقتضي الجمع (قوله حبوا) بمهملة وموحدة أي زحفا وزنه ومعناه ووقع بلفظ زحفا في رواية الأعمش عن إبراهيم عند مسلم (قوله فان لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو ان لك مثل عشرة أمثال الدنيا) وفي رواية الأعمش فيقال له أتذكر الزمان الذي كنت فيه أي الدنيا فيقول نعم فيقال له تمن فيتمنى (قوله أتسخر مني أو تضحك مني) وفي رواية الأعمش أتسخر بي ولم يشك وكذا لمسلم من رواية منصور وله من رواية أنس عن ابن مسعود أتستهزئ بي وأنت رب العالمين قال المازري هذا مشكل وتفسير الضحك بالرضا لا يتأتى هنا ولكن لما كانت عادة المستهزئ أن يضحك من الذي استهزأ به ذكر معه وأما نسبة السخرية إلى الله تعالى فهي على سبيل المقابلة وان لم يذكره في الجانب الآخر لفظا لكنه لما ذكر أنه عاهد مرارا وغدر حل فعله محل المستهزئ وظن أن في قول الله له ادخل الجنة وتردده إليها وظنه أنها ملآى نوعا من السخرية به جزاء على فعله فسمى الجزاء على السخرية سخرية ونقل عياض عن بعضهم ان ألف أتسخر مني ألف النفي كهي في قوله تعالى أتهلكنا بما فعل السفهاء منا على أحد الأقوال قال وهو كلام متدلل علم مكانه من ربه وبسطه له بالاعطاء وجوز عياض أن الرجل قال ذلك وهو غير ضابط لما قال إذ وله عقله من السرور بما لم يخطر بباله ويؤيده أنه قال في بعض طرقه عند مسلم لما خلص من النار لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين وقال القرطبي في المفهم أكثروا في تأويله وأشبه ما قيل فيه أنه استخفه الفرح وأدهشه فقال ذلك وقيل قال ذلك لكونه خاف أن يجازى على ما كان منه في الدنيا من التساهل في الطاعات وارتكاب المعاصي كفعل الساخرين فكانه قال أتجازيني على ما كان مني فهو كقوله سخر الله منهم وقوله الله يستهزئ بهم أي ينزل بهم جزاء سخريتهم واستهزائهم وسيأتي بيان الاختلاف في اسم هذا الرجل في آخر شرح حديث الباب الذي يليه (قوله ضحك حتى بدت نواجذه) بنون وجيم وذال معجمة جمع ناجذ تقدم ضبطه في كتاب الصيام وفي رواية ابن مسعود فضحك ابن مسعود فقالوا مم تضحك فقال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك رب العاملين حين قال الرجل أتستهزئ مني قال لا استهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر قال البيضاوي نسبة الضحك إلى الله تعالى مجاز بمعنى الرضا وضحك النبي صلى الله عليه وسلم على حقيقته وضحك ابن مسعود على سبيل
(٣٨٦)