للكافر بعد أن يدخل النار ولفظه يؤتى بالرجل من أهل النار فيقال يا ابن آدم كيف وجدت مضجعك فيقول شر مضجع فيقال له هل تفتدي بقراب الأرض ذهبا فيقول نعم يا رب فيقال له كذبت ويحتمل أن يراد بالمضجع هنا مضجعه في القبر فيلتئم مع الروايات الأخرى (قوله فيقال له) زاد مسلم في رواية سعيد كذبت (قوله قد كنت سئلت ما هو أيسر من ذلك) في رواية أبي عمران فيقول أردت منك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت الا أن تشرك بي وفي رواية ثابت قد سألتك أقل من ذلك فلم تفعل فيؤمر به إلى النار قال عياض يشير بذلك إلى قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم الآية فهذا الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم فمن وفى به بعد وجوده في الدنيا فهو مؤمن ومن لم يوف به فهو الكافر فمراد الحديث أردت منك حين أخذت الميثاق فأبيت إذ أخرجتك إلى الدنيا الا الشرك ويحتمل أن يكون المراد بالإرادة هنا الطلب والمعنى أمرتك فلم تفعل لأنه سبحانه وتعالى لا يكون في ملكه الا ما يريد واعترض بعض المعتزلة بأنه كيف يصح أن يأمر بما لا يريد والجواب أن ذلك ليس بممتنع ولا مستحيل وقال المازري مذهب أهل السنة أن الله تعالى أراد ايمان المؤمن وكفر الكافر ولو أراد من الكافر الايمان لآمن يعني لو قدره عليه لوقع وقال أهل الاعتزال بل أراد من الجميع الايمان فأجاب المؤمن وامتنع الكافر فحملوا الغائب على الشاهد لانهم رأوا أن مريد الشر شرير والكفر شر فلا يصح أن يريده الباري وأجاب أهل السنة عن ذلك بأن الشر شر في حق المخلوقين وأما في حق الخالق فإنه يفعل ما يشاء وانما كانت إرادة الشر شرا لنهى الله عنه والباري سبحانه ليس فوقه أحد يأمره فلا يصح أن تقاس ارادته على إرادة المخلوقين وأيضا فالمريد لفعل ما إذا لم يحصل ما أراده آذن ذلك بعجزه وضعفه والباري تعالى لا يوصف بالعجز والضعف فلو أراد الايمان من الكافر ولم يؤمن لآذن ذلك بعجز وضعف تعالى الله عن ذلك وقد تمسك بعضهم بهذا الحديث المتفق على صحته والجواب عنه ما تقدم واحتجوا أيضا بقوله تعالى ولا يرضى لعباده الكفر وأجيبوا بأنه من العام المخصوص بمن قضى الله له الايمان فعباده على هذا الملائكة ومؤمنو الإنس والجن وقال آخرون الإرادة غير الرضا ومعنى قوله ولا يرضى أي لا يشكره لهم ولا يثيبهم عليه فعلى هذا فهي صفة فعل وقيل معنى الرضا أنه لا يرضاه دينا مشروعا لهم وقيل الرضا صفة وراء الإرادة وقيل الإرادة تطلق بإزاء شيئين إرادة تقدير وإرادة رضا والثانية أخص من الأولى والله أعلم وقيل الرضا من الله إرادة الخير كما أن السخط إرادة الشر وقال النووي قوله فيقال له كذبت معناه لو رددناك إلى الدنيا لما افتديت لأنك سئلت أيسر من ذلك فأبيت ويكون من معنى قوله تعالى ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون وبهذا يجتمع معنى هذا الحديث مع قوله تعالى لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به قال وفي الحديث من الفوائد جواز قول الانسان يقول الله خلافا لمن كره ذلك وقال انما يجوز قال الله تعالى وهو قول شاذ مخالف لأقوال العلماء من السلف والخلف وقد تظاهرت به الأحاديث وقال الله تعالى والله يقول الحق وهو يهدي السبيل الحديث الثالث (قوله حدثني خيثمة) بفتح المعجمة وسكون التحتانية بعدها مثلثة هو ابن عبد الرحمن الجعفي (قوله عن عدي بن حاتم) هو الطائي (قوله ما منكم من أحد) ظاهر الخطاب للصحابة ويلتحق بهم المؤمنون كلهم سابقهم ومقصرهم أشار إلى ذلك
(٣٥٠)