قال عياض قوله عذب له معنيان أحدهما ان نفس مناقشة الحساب وعرض الذنوب والتوقيف على قبيح ما سلف والتوبيخ تعذيب والثاني انه يفضي إلى استحقاق العذاب إذ لا حسنة للعبد الا من عند الله لاقداره عليها وتفضله عليه بها وهدايته لها ولان الخالص لوجهه قليل ويؤيد هذا الثاني قوله في الرواية الأخرى هلك وقال النووي التأويل الثاني هو الصحيح لان التقصير غالب على الناس فمن استقصى عليه ولم يسامح هلك وقال غيره وجه المعارضة أن لفظ الحديث عام في تعذيب كل من حوسب ولفظ الآية دال على أن بعضهم لا يعذب وطريق الجمع أن المراد بالحساب في الآية العرض وهو ابراز الأعمال واظهارها فيعرف صاحبها بذنوبه ثم يتجاوز عنه ويؤيده ما وقع عند البزار والطبري من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير سمعت عائشة تقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحساب اليسير قال الرجل تعرض عليه ذنوبه ثم يتجاوز له عنها وفي حديث أبي ذر عند مسلم يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه الحديث وفي حديث جابر عند ابن أبي حاتم والحاكم من زادت حسناته على سيآته فذاك الذي يدخل الجنة بغير حساب ومن استوت حسناته وسيئاته فذاك الذي يحاسب حسابا يسيرا ثم يدخل الجنة ومن زادت سيآته على حسناته فذاك الذي أوبق نفسه وانما الشفاعة في مثله ويدخل في هذا حديث ابن عمر في النجوى وقد أخرجه المصنف في كتاب المظالم وفي تفسير سورة هود وفي التوحيد وفيه يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول أعملت كذا وكذا فيقول نعم فيقرره ثم يقول اني سترت عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم وجاء في كيفية العرض ما أخرجه الترمذي من رواية علي بن علي الرفاعي عن الحسن عن أبي هريرة رفعه تعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله قال الترمذي لا يصح لان الحسن لم يسمع من أبي هريرة وقد رواه بعضهم عن علي بن علي الرفاعي عن الحسن عن أبي موسى انتهى وهو عند ابن ماجة وأحمد من هذا الوجه مرفوعا وأخرجه البيهقي في البعث بسند حسن عن عبد الله بن مسعود موقوفا قال الترمذي الحكيم الجدال للكفار يجادلون لانهم لا يعرفون ربهم فيظنون أنهم إذا جادلوا نجوا والمعاذير اعتذار الله لآدم وأنبيائه بإقامته الحجة على أعدائه والثالثة للمؤمنين وهو العرض الأكبر (تنبيه) وقع في رواية لابن مردويه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا لا يحاسب رجل يوم القيامة الا دخل الجنة وظاهره يعارض حديثها المذكور في الباب وطريق الجمع بينهما أن الحديثين معا في حق المؤمن ولا منافاة بين التعذيب ودخول الجنة لان الموحد وان قضى عليه بالتعذيب فإنه لا بد أن يخرج من النار بالشفاعة أو بعموم الرحمة * الحديث الثاني حديث أنس يجاء بالكافر ذكره من رواية هشام الدستوائي ومن رواية سعيد وهو ابن أبي عروبة كلاهما عن قتادة وساقه بلفظ سعيد وأما لفظ هشام فأخرجه مسلم والإسماعيلي من طرق عن معاذ بن هشام عن أبيه بلفظ يقال للكافر والباقي مثله وهو بضم أول يجاء ويقال وسيأتي بعد باب في باب صفة الجنة والنار من رواية أبي عمران الجوني عن أنس التصريح بأن الله سبحانه هو الذي يقول له ذلك ولفظه يقول الله عز وجل لاهون أهل النار عذابا يوم القيامة لو أن لك ما في الأرض من شئ أكنت تفتدي به فيقول نعم ورواه مسلم والنسائي من طريق ثابت عن أنس وظاهر سياقه أن ذلك يقع
(٣٤٩)