الطبري عن السدى من قوله قال الطبري الأسباب جمع سبب وهو كل ما يتسبب به إلى طلبة وحاجة فيقال للحبل سبب لأنه يتوصل به إلى الحاجة التي يتعلق به إليها وللطريق سبب للتسبب بركوبه إلى مالا يدرك الا بقطعه وللمصاهرة سبب للحرمة وللوسيلة سبب للوصول بها إلى الحاجة وقال الراغب السبب الحبل وسمي كل ما يتوصل به إلى شئ سببا ومنه لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات أي أصل إلى الأسباب الحادثة في السماء فأتوصل بها إلى معرفة ما يدعيه موسى ويسمى العمامة والخمار والثوب الطويل سببا تشبيها بالحبل وكذا منهج الطريق لشبهه بالحبل وبالثوب الممدود أيضا وذكر فيه حديثين أحدهما عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم يقوم الناس لرب العالمين قال يقوم أحدهم في رشحه إلى انصاف أذنيه في رواية صالح بن كيسان عن نافع عند مسلم حتى يغيب أحدهم وكذا تقدم في تفسير ويل للمطففين من طريق مالك عن نافع والرشح بفتح الراء وسكون الشين المعجمة بعدهما مهملة هو العرق شبه برشح الاناء لكونه يخرج من البدن شيئا فشيئا وهذا ظاهر في أن العرق يحصل لكل شخص من نفسه وفيه تعقب على من جوز أن يكون من عرقه فقط أو من عرقه وعرق غيره وقال عياض يحتمل أن يريد عرق الانسان نفسه بقدر خوفه مما يشاهده من الأهوال ويحتمل أن يريد عرقه وعرق غيره فيشدد على بعض ويخفف على بعض وهذا كله بتزاحم الناس وانضمام بعضهم إلى بعض حتى صار العرق يجري سائحا في وجه الأرض كالماء في الوادي بعد أن شربت منه الأرض وغاص فيها سبعين ذراعا (قلت) واستشكل بأن الجماعة إذا وقفوا في الماء الذي على أرض معتدلة كانت تغطية الماء لهم على السواء لكنهم إذا اختلفوا في الطول والقصر تفاوتوا فكيف يكون الكل إلى الاذن والجواب أن ذلك من الخوارق الواقعة يوم القيامة والأولى أن تكون الإشارة بمن يصل الماء إلى أذنيه إلى غاية ما يصل الماء ولا ينفى أن يصل الماء لبعضهم إلى دون ذلك فقد أخرج الحاكم من حديث عقبة بن عامر رفعه تدنو الشمس من الأرض يوم القيامة فيعرق الناس فمنهم من يبلغ عرقه عقبه ومنهم من يبلغ نصف ساقه ومنهم من يبلغ ركبته ومنهم من يبلغ فخذه ومنهم من يبلغ خاصرته ومنهم من يبلغ منكبه ومنهم من يبلغ فاه وأشار بيده فالجمها فاه ومنهم من يغطيه عرقه وضرب بيده على رأسه وله شاهد عند مسلم من حديث المقداد بن الأسود وليس بتمامه وفيه تدني الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل فتكون الناس على مقدار أعمالهم في العرق الحديث فإنه ظاهر في أنهم يستوون في وصول العرق إليهم ويتفاوتون في حصوله فيهم وأخرج أبو يعلى وصححه ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم يقوم الناس لرب العالمين قال مقدار نصف يوم من خمسين ألف سنة فيهون ذلك على المؤمن كتدلي الشمس إلى أن تغرب وأخرجه أحمد وابن حبان نحوه من حديث أبي سعيد والبيهقي في البعث من طريق عبد الله بن الحارث عن أبي هريرة يحشر الناس قياما أربعين سنة شاخصة أبصارهم إلى السماء فيلجمهم العرق من شدة الكرب الحديث الثاني (قوله حدثني سليمان) هو ابن بلال والسند كله مدنيون (قوله يعرق الناس) بفتح الراء وهي مكسورة في الماضي (قوله يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا ويلجمهم العرق حتى يبلغ آذانهم) في رواية الإسماعيلي من طريق ابن وهب عن سليمان بن بلال سبعين باعا وفي رواية مسلم من طريق الدراوردي عن
(٣٤١)