بأسكم وقال تعالى وخذوا حذركم وأما قول القائل كيف تطلب مالا تعرف مكانه فجوابه أنه يفعل السبب المأمور به ويتوكل على الله فيما يخرج عن قدرته فيشق الأرض مثلا ويلقى الحب ويتوكل على الله في انباته وانزال الغيث له ويحصل السلعة مثلا وينقلها ويتوكل على الله في القاء الرغبة في قلب من يطلبها منه بل ربما كان التكسب واجبا كقادر على الكسب يحتاج عياله للنفقة فمتى ترك ذلك كان عاصيا وسلك الكرماني في الصفات المذكورة مسلك التأويل فقال قوله لا يكتوون معناه الا عند الضرورة مع اعتقاد أن الشفاء من الله لا من مجرد الكي وقوله ولا يسترقون معناه بالرقى التي ليست في القرآن والحديث الصحيح كرقى الجاهلية وما لا يؤمن أن يكون فيه شرك وقوله ولا يتطيرون أي لا يتشاءمون بشئ فكأن المراد أنهم الذين يتركون أعمال الجاهلية في عقائدهم قال فان قيل إن المتصف بهذا أكثر من العدد المذكور فما وجه الحصر فيه وأجاب باحتمال أن يكون المراد به التكثير لا خصوص العدد (قلت) الظاهر أن العدد المذكور على ظاهره فقد وقع في حديث أبي هريرة ثاني أحاديث الباب وصفهم بأنهم تضئ وجوهم إضاءة القمر ليلة البدر ومضى في بدء الخلق من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة رفعه أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر والذين على آثارهم كأحسن كوكب دري في السماء إضاءة وأخرجه مسلم من طرق عن أبي هريرة منها رواية أبي يونس وهمام عن أبي هريرة على صورة القمر وله من حديث جابر فتنجو أول زمرة وجوهم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفا لا يحاسبون وقد وقع في أحاديث أخرى أن مع السبعين ألفا زيادة عليهم ففي حديث أبي هريرة عند أحمد والبيهقي في البعث من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سألت ربي فوعدني أن يدخل الجنة من أمتي فذكر الحديث نحو سياق حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ثاني أحاديث الباب وزاد فاستزدت ربي فزادني مع كل ألف سبعين ألفا وسنده جيد وفي الباب عن أبي أيوب عند الطبراني وعن حذيفة عند أحمد وعن أنس عند البزار وعن ثوبان عند ابن أبي عاصم فهذه طرق يقوى بعضها بعضا وجاء في أحاديث أخرى أكثر من ذلك فأخرج الترمذي وحسنه والطبراني وابن حبان في صحيحه من حديث أبي أمامة رفعه وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا مع كل ألف سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب وثلاث حثيات من حثيات ربي وفي صحيح ابن حبان أيضا والطبراني بسند جيد من حديث عتبة بن عبد نحوه بلفظ ثم يشفع كل ألف في سبعين ألفا ثم يحثى ربي ثلاث حثيات بكفيه وفيه فكبر عمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان السبعين ألفا يشفعهم الله في آبائهم وأمهاتهم وعشائرهم واني لأرجو ان يكون أدنى أمتي الحثيات وأخرجه الحافظ الضياء وقال لا أعلم له علة (قلت) علته الاختلاف في سنده فان الطبراني أخرجه من رواية أبي سلام حدثني عامر بن زيد أنه سمع عتبة ثم أخرجه من طريق أبي سلام أيضا فقال حدثني عبد الله بن عامر ان قيس بن الحارث حدثه أن أبا سعيد الأنماري حدثه فذكره وزاد قال قيس فقلت لأبي سعيد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك يستوعب مهاجري أمتي ويوفى الله بقيتهم من أعرابنا وفي رواية لابن أبي عاصم قال أبو سعيد فحسبنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ أربعة آلاف ألف وتسعمائة ألف يعني من عدا
(٣٥٦)