مع الربح وقوله في الحديث مغبون فيهما كثير من الناس كقوله تعالى وقليل من عبادي الشكور فالكثير في الحديث في مقابلة القليل في الآية وقال القاضي أبو بكر بن العربي اختلف في أول نعمة لله على العبد فقيل الايمان وقيل الحياة وقيل الصحة والأول أولى فإنه نعمة مطلقة وأما الحياة والصحة فإنهما نعمة دنيوية ولا تكون نعمة حقيقة الا إذا صاحبت الايمان وحينئذ يغبن فيها كثير من الناس أي يذهب ربحهم أو ينقص فمن استرسل مع نفسه الامارة بالسوء الخالدة إلى الراحة فترك المحافظة على الحدود والمواظبة على الطاعة فقد غبن وكذلك إذا كان فارغا فان المشغول قد يكون له معذرة بخلاف الفارغ فإنه يرتفع عنه المعذرة وتقوم عليه الحجة (قوله وقال عباس العنبري) هو بالمهملة والموحدة ابن عبد العظيم أحد الحفاظ بصرى من أوساط شيوخ البخاري وقد أخرجه ابن ماجة عن العباس المذكور فقال في كتاب الزهد من السنن في باب الحكمة منه حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري فذكره سواء قال الحاكم هذا الحديث صدر به ابن المبارك كتابه فأخرجه عن عبد الله بن سعيد بهذا الاسناد (قلت) وأخرجه الترمذي والنسائي من طريقه قال الترمذي رواه غير واحد عن عبد الله بن سعيد فرفعوه ووقفه بعضهم على ابن عباس وفي الباب عن أنس انتهى وأخرجه الإسماعيلي من طرق عن ابن المبارك ثم من وجهين عن إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن سعيد ثم من طريق بندار عن يحيى بن سعيد القطان عن عبد الله به ثم قال قال بندار ربما حدث به يحيى بن سعيد ولم يرفعه وأخرجه ابن عدي من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعا (قوله عن معاوية بن قرة) أي ابن إياس المزني ولقرة صحبة ووقع في رواية آدم في فضائل الأنصار عن شعبة حدثنا أبو إياس معاوية بن قرة وإياس هو القاضي المشهور بالذكاء (قوله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم لا عيش الا عيش الآخرة) في رواية المستملي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (قوله فأصلح الأنصار والمهاجرة) تقدم في فضل الأنصار بيان الاختلاف على شعبة في لفظه وأنه عطف عليه رواية شعبة عن قتادة عن أنس وزيادة من زاد فيه أن ذلك كان يوم الخندق فطابق حديث سهل بن سعد المذكور في الذي بعده وزيادة من زاد فيه أنهم كانوا يقولون نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا فأجابهم بذلك وتقدم في غزوة الخندق من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس أتم من ذلك كله وفيه من طريق حميد عن أنس أن ذلك كان في غداة باردة ولم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال ذلك (قوله الفضيل بن سليمان) هو بالتصغير وهو النميري صدوق في حفظه شئ (قوله وهو يحفر ونحن ننقل التراب) تقدم في فضل الأنصار من رواية عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل خرج النبي صلى الله عليه وسلم وهم يحفرون الخندق الحديث ويجمع بأن منهم من كان يحفر مع النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من كان ينقل التراب (قوله وبصر بنا) بفتح أوله وضم الصاد المهملة وفي رواية الكشمهيني ويمر بنا من المرور (قوله فاغفر) تقدم في غزوة الخندق بلفظ فاغفر للمهاجرين والأنصار وأن الألفاظ المنقولة في ذلك بعضها موزون وأكثرها غير موزون ويمكن رده إلى الوزن بضرب من الزحاف وهو غير مقصود إليه بالوزن فلا يدخل هو في الشعر وفي هذين الحديثين إشارة إلى تحقير عيش الدنيا لما يعرض له من التكدير وسرعة الفناء قال ابن المنير مناسبة إيراد حديث أنس وسهل مع
(١٩٧)