قال الحمد لله الحديث فلعله ألهمه أيضا صفة السلام واستدل به على أن هذه الصيغة هي المشروعة لابتداء السلام لقوله فهي تحيتك وتحية ذريتك وهذا فيما لو سلم على جماعة فلو سلم على واحد فسيأتي حكمه بعد أبواب ولو حذف اللام فقال سلام عليكم أجزأ قال الله تعالى والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم وقال تعالى فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة وقال تعالى سلام على نوح في العالمين إلى غير ذلك لكن باللام أولى لأنها للتفخيم والتكثير وثبت في حديث التشهد السلام عليك أيها النبي قال عياض ويكره أن يقول في الابتداء عليك السلام وقال النووي في الاذكار إذا قال المبتدئ وعليكم السلام لا يكون سلاما ولا يستحق جوابا لأن هذه الصيغة لا تصلح للابتداء قاله المتولي فلو قاله بغير واو فهو سلام قطع بذلك الواحدي وهو ظاهر قال النووي ويحتمل أن لا يجزئ كما قيل به في التحلل من الصلاة ويحتمل أن لا يعد سلاما ولا يستحق جوابا لما رويناه في سنن أبي داود والترمذي وصححه وغيرهما بالأسانيد الصحيحة عن أبي جرى بالجيم والراء مصغر الهجيمي بالجيم مصغرا قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت عليك السلام يا رسول الله قال لا تقل عليك السلام فان عليك السلام تحية الموتى قال ويحتمل أن يكون ورد لبيان الأكمل وقد قال الغزالي في الاحياء يكره للمبتدئ أن يقول عليكم السلام قال النووي والمختار لا يكره ويجب الجواب لأنه سلام (قلت) وقوله بالأسانيد الصحيحة يوهم أن له طرقا إلى الصحابي المذكور وليس كذلك فإنه لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي جرى ومع ذلك فمداره عند جميع من أخرجه على أبي تميمة الهجيمي راويه عن أبي جرى وقد أخرجه أحمد أيضا والنسائي وصححه الحاكم وقد اعترض هو ما دل عليه الحديث بما أخرجه مسلم من حديث عائشة في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى البقيع الحديث وفيه قلت كيف أقول قال قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين (قلت) وكذا أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما أتى البقيع السلام على أهل الديار من المؤمنين الحديث قال الخطابي فيه أن السلام على الأموات والاحياء سواء بخلاف ما كانت عليه الجاهلية من قولهم * عليك سلام الله قيس بن عاصم * (قلت) ليس هذا من شعر أهل الجاهلية فان قيس بن عاصم صحابي مشهور عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم والمرثية المذكورة لمسلم معروف قالها لما مات قيس ومثله ما أخرج ابن سعد وغيره أن الجن رثوا عمر بن الخطاب بأبيات منها عليك السلام من أمير وباركت * يد الله في ذاك الأديم الممزق وقال ابن العربي في السلام على أهل البقيع لا يعارض النهي في حديث أبي جرى لاحتمال أن يكون الله أحياهم لنبيه صلى الله عليه وسلم فسلم عليهم سلام الاحياء كذا قال ويرده حديث عائشة المذكور قال ويحتمل أن يكون النهي مخصوصا بمن يرى أنها تحية الموتى وبمن يتطير بها من الاحياء فإنها كانت عادة أهل الجاهلية وجاء الاسلام بخلاف ذلك قال عياض وتبعه ابن القيم في الهدى فنقح كلامه فقال كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول في الابتداء السلام عليكم ويكره أن يقول عليكم السلام فذكر حديث أبي جرى وصححه ثم قال أشكل هذا على طائفة وظنوه معارضا لحديث عائشة وأبي هريرة وليس كذلك وإنما معنى قوله عليك
(٤)