(قوله أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع بعيادة المريض الحديث) تقدم في اللباس أنه ذكر في عدة مواضع لم يسقه بتمامه في أكثرها وهذا الموضع مما ذكر فيه سبعا مأمورات وسبعا منهيات والمراد منه هنا إفشاء السلام وتقدم شرح عيادة المريض في الطب واتباع الجنائز فيه وعون المظلوم في كتاب المظالم وتشميت العاطس في أواخر الأدب وسيأتي إبرار القسم في كتاب الايمان والنذور وسبق شرح المناهي في الأشربة وفي اللباس وأما نصر الضعيف المذكور هنا فسبق حكمه في كتاب المظالم ولم يقع في أكثر الروايات في حديث البراء هذا وانما وقع بدله إجابة الداعي وقد تقدم شرحه في كتاب الوليمة من كتاب النكاح قال الكرماني نصر الضعيف من جملة إجابة الداعي لأنه قد يكون ضعيفا واجابته نصره أو أن لا مفهوم للعدد المذكور وهو السبع فتكون المأمورات ثمانية كذا قال والذي يظهر لي أن إجابة الداعي سقطت من هذه الرواية وأن نصر الضعيف المراد به عون المظلوم الذي ذكر في غير هذه الطريق ويؤيد هذا الاحتمال أن البخاري حذف بعض المأمورات من غالب المواضع التي أورد الحديث فيها اختصارا (قوله وافشاء السلام) تقدم في الجنائز بلفظ ورد السلام ولا مغايرة في المعنى لان ابتداء السلام ورده متلازمان وافشاء السلام ابتداء يستلزم افشاءه جوابا وقد جاء افشاء السلام من حديث البراء بلفظ آخر وهو عند المصنف في الأدب المفرد وصححه ابن حبان من طريق عبد الرحمن بن عوسجة عنه رفعه أفشوا السلام تسلموا وله شاهد من حديث أبي الدرداء مثله عند الطبراني ولمسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا الا أدلكم على ما تحابون به أفشوا السلام بينكم قال ابن العربي فيه أن من فوائد افشاء السلام حصول المحبة بين المتسالمين وكان ذلك لما فيه من ائتلاف الكلمة لتعم المصلحة بوقوع المعاونة على إقامة شرائع الدين واخزاء الكافرين وهي كلمة إذا سمعت أخلصت القلب الواعي لها عن النفور إلى الاقبال على قائلها وعن عبد الله بن سلام رفعه أطعموا الطعام وأفشوا السلام الحديث وفيه تدخلوا الجنة بسلام أخرجه البخاري في الأدب المفرد وصححه الترمذي والحاكم وللأولين وصححه ابن حبان من حديث عبد الله بن عمرو رفعه اعبدوا الرحمن وأفشوا السلام الحديث وفيه تدخلوا الجنان والأحاديث في إفشاء السلام كثيرة منها عند البزار من حديث الزبير وعند أحمد من حديث عبد الله بن الزبير وعند الطبراني من حديث ابن مسعود وأبي موسى وغيرهم ومن الأحاديث في إفشاء السلام ما أخرجه النسائي عن أبي هريرة رفعه إذا قعد أحدكم فليسلم وإذا قام فليسلم فليست الأولى أحق من الآخرة وأخرج ابن أبي شيبة من طريق مجاهد عن ابن عمر قال إن كنت لأخرج إلى السوق ومالي حاجة إلا أن أسلم ويسلم على وأخرج البخاري في الأدب المفرد من طريق الطفيل بن أبي بن كعب عن ابن عمر نحوه لكن ليس فيها شئ على شرط البخاري فاكتفى بما ذكره من حديث البراء واستدل بالامر بافشاء السلام على أنه لا يكفي السلام سرا بل يشترط الجهر وأقله أن يسمع في الابتداء وفي الجواب ولا تكفي الإشارة باليد ونحوه وقد أخرج النسائي بسند جيد عن جابر رفعه لا تسلموا تسليم اليهود فإن تسليمهم بالرؤوس والأكف ويستثنى من ذلك حالة الصلاة فقد وردت أحاديث جيدة أنه صلى الله عليه وسلم رد السلام وهو يصلي إشارة منها حديث أبي سعيد أن رجلا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فرد عليه إشارة ومن حديث ابن مسعود نحوه وكذا من كان بعيدا بحيث
(١٦)