لا يسمع التسليم يجوز السلام عليه إشارة ويتلفظ مع ذلك بالسلام وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال يكره السلام باليد ولا يكره بالرأس وقال ابن دقيق العيد استدل بالامر بافشاء السلام من قال بوجوب الابتداء بالسلام وفيه نظر إذ لا سبيل إلى القول بأنه فرض عين على التعميم من الجانبين وهو أن يجب على كل أحد أن يسلم على كل من لقيه لما في ذلك من الحرج والمشقة فإذا سقط من جانبي العمومين سقط من جانبي الخصوصين إذ لا قائل يجب على واحد دون الباقين ولا يجب السلام على واحد دون الباقين قال وإذا سقط على هذه الصورة لم يسقط الاستحباب لان العموم بالنسبة إلى كلا الفريقين ممكن انتهى وهذا البحث ظاهر في حق من قال أن ابتداء السلام فرض عين وأما من قال فرض كفاية فلا يرد عليه إذا قلنا أن فرض الكفاية ليس واجبا على واحد بعينه قال ويستثنى من الاستحباب من ورد الامر بترك ابتدائه بالسلام كالكافر (قلت) ويدل عليه قوله في الحديث المذكور قبل إذا فعلتموه تحاببتم والمسلم مأمور بمعاداة الكافر فلا يشرع له فعل ما يستدعي محبته ومواددته وسيأتي البحث في ذلك في باب التسليم على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين وقد اختلف أيضا في مشروعية السلام على الفاسق وعلى الصبي وفي سلام الرجل على المرأة وعكسه وإذا جمع المجلس كافرا ومسلما هل يشرع السلام مراعاة لحق المسلم أو يسقط من أجل الكافر وقد ترجم المصنف لذلك كله وقال النووي يستثنى من العموم بابتداء السلام من كان مشتغلا بأكل أو شرب أو جماع أو كان في الخلاء أو الحمام أو نائما أو ناعسا أو مصليا أو مؤذنا ما دام متلبسا بشئ مما ذكر فلو لم تكن اللقمة في فم الآكل مثلا شرع السلام عليه ويشرع في حق المتبايعين وسائر المعاملات واحتج له ابن دقيق العيد بأن الناس غالبا يكونون في أشغالهم فلو روعي ذلك لم يحصل امتثال الافشاء وقال ابن دقيق العيد احتج من منع السلام على من في الحمام بأنه بيت الشيطان وليس موضع التحية لاشتغال من فيه بالتنظيف قال وليس هذا المعنى بالقوي في الكراهة بل يدل على عدم الاستحباب (قلت) وقد تقدم في كتاب الطهارة من البخاري إن كان عليهم إزار فيسلم وإلا فلا وتقدم البحث فيه هناك وقد ثبت في صحيح مسلم عن أم هاني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل وفاطمة تستره فسلمت عليه الحديث قال النووي وأما السلام حال الخطبة في الجمعة فيكره للامر بالانصات فلو سلم لم يجب الرد عند من قال الانصات واجب ويجب عند من قال أنه سنة وعلى الوجهين لا ينبغي أن يرد أكثر من واحد وأما المشتغل بقراءة القرآن فقال الواحدي الأولى ترك السلام عليه فإن سلم عليه كفاه الرد بالإشارة وإن رد لفظا استأنف الاستعاذة وقرأ قال النووي وفيه نظر والظاهر أنه يشرع السلام عليه ويجب عليه الرد ثم قال وأما من كان مشتغلا بالدعاء مستغرقا فيه مستجمع القلب فيحتمل أن يقال هو كالقارئ والأظهر عندي أنه يكره السلام عليه لأنه يتنكد به ويشق عليه أكثر من مشقة الاكل وأما الملبي في الاحرام فيكره أن يسلم عليه لان قطعه التلبية مكروه ويجب عليه الرد مع ذلك لفظا أن لو سلم عليه قال ولو تبرع واحد من هؤلاء برد السلام إن كان مشتغلا بالبول ونحوه فيكره وإن كان آكلا ونحوه فيستحب في الموضع الذي لا يجب وإن كان مصليا لم يجز أن يقول بلفظ المخاطبة كعليك السلام أو عليك فقط فلو فعل بطلت أن علم التحريم لا إن جهل في الأصح فلو أتى بضمير الغيبة لم تبطل ويستحب أن يرد بالإشارة وإن رد بعد فراغ الصلاة لفظا
(١٧)