﴿فأتوني بكتاب من قبل هذا أو إثارة من علم أن كنتم صادقين﴾ (١) وكيف رضيت بحيز التقليد وقد ذمه الله تعالى وذم فاعليه، ووبخ متبعيه لقولهم: ﴿انا وجدنا آباءنا على أمة وانا على آثارهم مقتدون﴾ (٢) وقال تعالى: ﴿إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب﴾ (3) فكيف تترك الاستدلال المأمور به وترجع إلى تقليد المنهي عنه المذموم فاعله بنص الكتاب؟
أم كيف يسوغ لك التقليد في مثل ما نحن فيه؟
فقال: التقليد في مثل هذه المسألة جائز، لان مسألة الإمامة من الفروع لا من الأصول ويصح التقليد بالفروع، فأنا أقلد فيها وأترك الاستدلال فإن كان ما أذهب إليه حقا فقد أصبت، وإن كان باطلا فاللوم على من سبقني من العلماء والمبرزين.
فقلت: لا يصح لك ذلك.
أما أولا: مسألة الإمامة ليست من الفروع بل هي من أعظم أصول الدين وأجل أركان الايمان، لأنها قائمة مقام النبوة في حفظ الشريعة وانتظام أمور العالم وبقاء النوع الانساني في معاشه ومعاده، والنبوة من الأصول اتفاقا فكذا ما يقوم مقاما من غير فرق، والعجب ممن يقول: انها من الفروع ويعتذر عن الذي ترك النبي جنازة في بيته بأنه خاف على الناس الضلالة ورأى الأرجح أن ينصب نفسه للخلافة عن حضور مصيبة النبي، فإن كانت من الفروع فالفرع لا يكون أرجح وأهم من صاحب الشريعة.
وأما ثانيا: فلو أنا سلمنا أنها من الفروع لم يصح لمثلك التقليد فيها، لان