التقليد في الفروع إنما يصح لمن لا يتمكن من الاستدلال ولا يقدر على الاجتهاد ولا يتمكن من إقاماة الدليل، فمن كان بهذه الصفة يسوغ له التقليد بعجزه عن الاستدلال، لان التكليف بغير المقدور قبيح عقلا، وأما مع قدرة المكلف على الاستدلال وتمكنه من الاجتهاد فلا يسوغ له التقليد في الأصول ولا في الفروع بل يجب عليه الاجتهاد وإجالة النظر والاستدلال بالبراهين والامارات، وأنت قادر على الاجتهاد متمكن من البراهين والحجج، فلا يسوغ لك التقليد، ومع ذلك فقد قام لك البرهان الجلي والدليل الواضح على بطلان خلافة هؤلاء الثلاثة فيجب عليك المصير إليه، لأنه لم يعرض له ما ينقصه ولا يعارضه.
فكيف يسوغ لك التقليد بعد قيام الدليل ومعرفتك به وعدم حصول ما ينقصه أو يعارضه؟ فكيف تتركه وترجع إلى التقليد؟ إن هذا لم يقل به أحد ولا يرتضيه عاقل ولا يعارضه عالم لغيره، فكيف يسوغه لنفسه التي هي أعز شئ عليه؟
إني أقول: لو فرضنا أنك من المقلدين فكيف رجحت تقليد هؤلاء المشايخ الذين عددتهم دون من عداهم من أمثالهم، فترجيحك هؤلاء على غيرهم هو عين العمل بالعناد والترجيح بلا مرجح وهو ظاهر الفساد، فإن في أهل مذهبنا من العلماء والمصنفين والمدرسين مثل من ذكرت إن لم يكونوا أعظم منهم بدرجات كالامام نصير الدين الطوسي المسمى بالمحقق، وسمي فخر الدين بالمشكك وكذلك السيد المرتضى علم الهدى الذي أفحكم كل من ناظره في جميع العلوم والشيخ أبي الفضل الطبرسي الذي أحيا علوم القرآن في جميع البلدان، والشيخ أبي جعفر الطوسي الذي اشتهر عند العامة والخاصة بالفضل وعلوا الكعب والشيخ ابن المطهر الحلي الذي سارت مصنفاته في جميع الأمصار، والسيد شريف الحسيني الذي درس في جميع بلاد العجم، وركن الدين الجرجاني ونصير الدين الكاشي وغيرهم من علماء العرب والعجم، فإن مصنفاتهم قد