للناس ليعرفوه فلا يغتروا به كما هو مغرور بنفسه، يعرف ذلك من له أدنى روية وإلا فكيف يأمره بتليغ آيات من القرآن ثم يعزله عنها؟ أتظن أن ذلك كان تشهيا من رسول الله؟ كلا فما كان أمره وعزله إلا بوحي من ربه لا ينطق عن الهوى.
والعجب منكم كيف تستدلون على إمامته بالصلاة التي عزل عنها، ولم يتمها بالاجماع، ولا تستدلون على إمامة علي عليه السلام باستخلاف النبي له على المدينة يوم غزاة تبوك المتفق على نقله عنه وحصوله منه عليه السلام لعلي وعدم عزله عنها بالاتفاق؟ فإن الاستخلاف على المدينة التي هي دار الهجرة وعدم والوثوق والأمانة عليها لاحد إلا لعلي عليه السلام دليل على إمامته وأنه القائم بالامر بعده في جميع أموره ومهماته، وإذا ثبت استخلافه على المدينة وعدم عزله عنها ثبت استخلافه على غيرها، إذ لا قائل بالفرق.
ولما وصلنا في المجادلة إلى هذا الحد حضرت المائدة فانقطعت بحضورها المجادلة، وبعد أن شرعنا في الاكل عرضت لي فكرة الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وآله: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية).
فقلت للشيخ الهروي: يا ملا إجازة، نعم، فقلت: ما تقول في الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وآله أهو صحيح أم لا؟ وذكرت له الحديث، فقال: بل صحيح متفق على صحته.
فقلت: فمن إمامك اذن؟
فقال: ليس الحديث على ظاهره، بل المراد بالامام القرآن وتقديره من مات ولم يعرف امام زمانه الذي هو القرآن مات ميتة جاهلية.
فقلت: إذن يلزم أن يكون تعلم القرآن واجبا عينيا على كل مكلف وذلك لم يقل به أحد، ولو كان الامر كذلك لكان أغلب المسلمين يموتون على الجاهلية.
فقال: ليس القرآن كله، بل الفاتحة وسورة، لأنهما شرط في صحة الصلاة