باشتغال بني هاشم فاجتمعوا في سقيفة بني ساعدة لاجالة الرأي، فعلم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وجماعة من الطلقاء باجتماع الأنصار في السقيفة واختلافهم في أمر الإمامة فحضروا معهم في السقيفة، وجرت بينهم المجادلات والمخاصمات في الخلافة حتى قال الأنصار: منا أمير، فغلبهم أبو بكر بحديث رواه لهم عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: الخلافة في قريش، فخصم الأنصار بذلك، فقام عمر وأبو عبيدة فسبقا الأنصار بالبيعة وصفقا على يد أبي بكر وقالا:
السلام عليك يا خليفة المسلمين، فحصلت البيعة لأبي بكر في السقيفة بالخديعة والحيلة والعجلة والغلبة والقهر للمسلمين، ويشهد لذلك ما اشتهر عن عمر أنه قال: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها فمن عاد لمثلها فاقتلوه، فأين الاجماع المدعى حصوله وقد عرفت أن فضلاء الصحابة وزهادهم وذوي القدر منهم من المهاجرين والأنصار لم يحضروا معهم ولم يبايعوا ولا استطلعوا رأيهم؟ فهل يصح من هؤلاء الادنين الذين أكثرهم طلقاء ومنافقين ومؤلفة أن يعقدوا الخلافة التي هي قائمة مقام النبوة بغير حضور أولئك المشهورين بالعلم والفضل والشرف والزهد مع أن الاجماع لا ينعقد عند الكل إلا باتفاق أهل الحل والعقد، فدعوى الاجماع على خلافة أبي بكر بعيدة.
فقال: ما ذكرت، مسلم، ولكن من ذكرت من الصحابة وغيرهم بعد ذلك بايعوا ورضوا وحصل الاجماع بعد ذلك من الكل بحيث لم يبق أحد مخالف فحصل الاتفاق من أهل الحل والعقد وإن لم يكن اتفاقهم دفعة في آن واحد فإن ذلك غير شرط في الاجماع.
فقلت: إن اتفاقهم وحصول رضاهم بعد ذلك كما زعمت لا يقوم حجة لتطرق الاحتمال فيه بالاجبار والاكراه والتقية، فإنهم لما رأوا العامة والرعاع الذين يميلون مع كل ناعق، ولا يستيئون بنور العلم قد استمالهم هذا الرجل وخدعهم، وصاروا اتباعا له وقلدوه أمورهم بل قلدوا كبراءهم في اتباعه لم