يتكلم " فالأئمة من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومنزل الكتاب ومهبط الوحي ومختلف الملائكة، لا تصلح إلا فيها، لأن الله خصها بها، وجعلها أهلها في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وآله، فالعلم فيهم وهم أهله، وهو عندهم كله بحذافيره، باطنه وظاهره، ومحكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه.
يا معاوية إن عمر بن الخطاب أرسلني في إمرته إلى علي بن أبي طالب عليه السلام: إني أريد أن أكتب القرآن في مصحف فابعث إلينا ما كتبت من القرآن. فقال: تضرب والله عنقي قبل أن تصل إليه. قلت: ولم؟ قال:
إن الله يقول: " لا يمسه إلا المطهرون " يعني لا يناله كله إلا المطهرون، إيانا عنى، نحن الذين اصطفانا الله من عباده، ونحن صفوة الله وضرب لنا الأمثال، وعلينا نزل الوحي.
فغضب عمر، وقال: إن ابن أبي طالب يحسب أنه ليس عند أحد علم غيره، فمن كان يقرأ من القرآن شيئا فليأتنا به، فكان إذا جاء رجل بقرآن فقرأه ومعه آخر كتبه، وإلا لم يكتبه. فمن قال يا معاوية: إنه ضاع من القرآن شئ فقد كذب، هو عند أهله مجموع. ثم أمر عمر قضاته وولاته، فقال:
اجتهدوا رأيكم واتبعوا ما ترون أنه الحق.
فلم يزل هو وبعض ولاته قد وقعوا في عظيمة، فكان علي بن أبي طالب عليه السلام يخبرهم بما يحتج عليهم، وكان عماله وقضاته يحكمون في شي، واحد بقضايا مختلفة فيجيزها لهم، لأن الله لم يؤته الحكمة وفصل الخطاب، وزعم كل صنف من أهل القبلة أنهم معدن العلم والخلافة دونهم! فبالله نستعين على من جحدهم حقهم، وسن للناس ما يحتاج به مثلك عليهم (1).