ويتصوف بانقياده على غيره، فيستتب له ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة على الضعفة، لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحله من العلم والأدب أيضا عندهم، و يقول له في مراسلته إياه: إني وكيل صاحب الزمان (وبهذا كان أولا يستجر الجهال، ثم يعلو منه إلى غيره) وقد أمرت بمراسلتك وإظهار ما تريد من النصرة لك لتقوى نفسك ولا ترتاب بهذا الأمر.
فأرسل إليه أبو سهل - رضي الله عنه - يقول له: إني أسألك أمرا يسيرا يخف مثله عليك في جنب ما ظهر على يديك من الدلائل والبراهين، وهو أني رجل أحب الجواري وأصبو إليهن، ولي منهن عدة أتحظاهن والشيب يبعدني عنهن، وأحتاج أن أخضبه في كل جمعة وأتحمل منه مشقة شديده لأستر عنهن ذلك، وإلا انكشف أمري عندهن فصار القرب بعدا والوصال هجرا، وأريد أن تغنيني عن الخضاب وتكفيني مؤونته وتجعل لحيتي سوداء، فإني طوع يديك وصائر إليك، وقائل بقولك وداع إلى مذهبك، مع مالي في ذلك من البصيرة ولك من المعونة.
فلما سمع ذلك الحلاج من قوله وجوابه علم أنه قد أخطأ في مراسلته وجهل في الخروج إليه بمذهبه، وأمسك عنه ولم يرد إليه جوابا ولم يرسل إليه رسولا، وصيره أبو سهل - رضي الله عنه - أحدوثة وضحكة ويطنز به عند كل أحد. وشهر أمره عند الصغير والكبير، وكان هذا الفعل سببا لكشف أمره وتنفير الجماعة عنه (1).
(471) الحر مع أهل الكوفة فاستقدم - الحر بن يزيد - أمام أصحابه، ثم قال: