الموت، قال سعيد: أصابت إذا أمي اسمي! فقال الحجاج: لأبدلنك بالدنيا نارا تلظى، قال سعيد: لو أني أعلم ذلك بيدك لاتخذتك إلها...
قال الحجاج: فما قولك في محمد؟ قال سعيد: نبي الرحمة ورسول رب العالمين إلى الناس كافة بالموعظة الحسنة. فقال الحجاج: فما قولك في الخلفاء؟
قال سعيد: لست عليهم بوكيل، كل امرئ بما كسب رهين. قال الحجاج أشتمهم أم أمدحهم؟ قال سعيد: لا أقول ما لا أعلم، إنما استحفظت أمر نفسي.
وقال الحجاج: أيهم أعجب إليك؟ قال: حالاتهم يفضل بعضهم على بعض. قال الحجاج: صف لي قولك في علي أفي الجنة هو أم في النار؟ قال سعيد: لو دخلت الجنة فرأيت أهلها علمت ولو رأيت من في النار علمت، فما سؤالك عن غيب قد حفظ بالحجاب؟
قال الحجاج: فأي رجل أنا يوم القيامة؟ فقال سعيد: أنا أهون على الله من أن يطلعني على الغيب. قال الحجاج: أبيت أن تصدقني؟ قال سعيد: بل لم أرد أن أكذبك.
فقال الحجاج: فدع عنك هذا كله، أخبرني ما لك لم تضحك قط؟ قال: لم أر شيئا يضحكني، وكيف يضحك مخلوق من طين والطين تأكله النار ومنقلبه إلى الجزاء، واليوم يصبح ويمسي في الابتلاء. قال الحجاج: فأنا أضحك، فقال سعيد: كذلك خلقنا الله أطوارا.
قال الحجاج: هل رأيت شيئا من اللهو؟ قال: لا أعلمه، فدعا الحجاج بالعود والناي. قال: فلما ضرب بالعود ونفخ في الناي بكى سعيد! قال الحجاج: ما يبكيك؟ قال: يا حجاج، ذكرتني أمرا عظيما، والله لا شبعت ولا رويت ولا اكتسيت ولا زلت حزينا لما رأيت؟ قال: الحجاج: وما كنت رأيت هذا اللهو؟ فقال سعيد: بل هذا والله الحزن يا حجاج! أما هذه النفخة