قال: فمضى رسول ابن الحنفية إلى عبد الملك بن مروان، وإذا رسول الحجاج قد أقبل إلى ابن الحنفية أن هلم فبايع! وإلا ألحقتك بمن قد علمت، والسلام.
قال: فأرسل إليه ابن الحنفية: إني كتبت إلى عبدا الملك بن مروان كتابا وأرسلت إليه رسولا ليأخذ لي منه أمانا، وإنما انتظاري لجواب الكتاب، ثم البيعة إذا أعطاني ما سألت، والسلام.
قال: فأرسل إليه الحجاج: يا ابن الحنفية وتشترط على أمير المؤمنين الشروط! والله لتبايعن طائعا أو كارها، وإلا ألحقتك بابن الزبير! قال: فكره ابن الحنفية أن يبايع الحجاج من قبل أن يقدم إليه رسوله بالأمان من عند عبد الملك بن مروان.
قال: ولج الحجاج في أمره حتى اتقاه ابن الحنفية على نفسه، وأقبل عبد الله ابن عمر بن الخطاب حتى دخل على الحجاج، فقال: أيها الأمير ما تريد من هذا الرجل؟ فوالله إنه لخير فاضل، وما أعلم في زمانه رجلا مثله ولا أزكى على الله أحدا، فكف عنه أيها الأمير، فإنه قد كتب إلى ابن عمه كتابا وإنما ينتظر الجواب، ثم يبايع.
قال: فكف عنه الحجاج، وإذا بأبي عبد الله الجدلي قد أقبل بالجواب من عبد الملك بن مروان:
أما بعد، فقد قدم رسولك بكتابك فقرأته، وفهمت ما ذكرت فيه وما نويت بذلك، وأنت لعمري عندنا البر المحمود، فأقبل إلينا آمنا مطمئنا مأمونا حبيبا قريبا، ولك بذلك عهد الله وميثاقه وذمة رسوله محمد صلى الله عليه وآله، وأشد ما أخذ الله على أنبيائه ورسله من العهود والمواثيق المؤكدة الغليظة، إنك لا تهاج ولا تؤذى في سلطاننا أبدأ ما بقيت أنت ولا أهلك ولا ولدك ولا أحد من أصحابك شاهدا ولا غائبا، ولا يبدو لك منا شئ من المكروه،