منك وما ينبغي لك أن تسوغه ذلك في، فإن معاوية بن أبي سفيان - وهو أبعد نسبا منك إلينا - ذكر الحسن بن علي يوما فسبه، فساعده عبد الله بن الزبير على ذلك، فزجره وانتهره، فقال: إنما ساعدتك يا أمير المؤمنين! فقال: إن الحسن لحمي آكله ولا أوكله. ومع هذا فهو الخارج مع أخي محمد على أبيك المنصور أبي جعفر، والقائل لأخي في قصيدة طويلة أولها:
إن الحمامة يوم الشعب من خضن * هاجت فؤاد محب دائم الحزن يحرض أخي فيها على الوثوب والنهوض إلى الخلافة، ويمدحه ويقول له:
عر ركنا نزار عن سطوتها * إن أسلمتك ولا ركنا ذوي يمن ألست أكرمهم عودا إذا انتسبوا * يوما وأطهرهم ثوبا من الدرن وأعظم الناس عند الناس منزلة * وأبعد الناس من عيب ومن وهن قوموا ببيعتكم ننهض بطاعتها * إن الخلافة فيكم يا بني حسن إنا يثاب على الإحسان محسننا * بعد التدابر والبغضاء والإحن حتى يثاب على الإحسان محسننا * ويأمن الخائف المأخوذ بالدمن وتنقضي دولة أحكام قادتها * فينا كأحكام قوم عابدي وثن مظالما قد بروا بالجور أعظمنا * بري الصناع قداح النبع بالسفن فتغير وجه الرشيد عند سماع هذا الشعر وتغيظ على ابن مصعب، فابتدأ ابن مصعب يحلف بالله الذي لا إله إلا هو وبأيمان البيعة أن هذا الشعر ليس له وأنه لسديف.
فقال يحيى: والله يا أمير المؤمنين ما قاله غيره وما حلفت كاذبا ولا صادقا بالله قبل هذا، وإن الله عز وجل إذا مجده العبد في يمينه فقال: " والله الطالب الغالب الرحمان الرحيم " استحيى أن يعاقبه، فدعني أن أحلفه بيمين ما حلف بها أحد قط كاذبا إلا عوجل.