يليه ثم الذي يليه ثم الذي يليه " وقد ورد في القرآن الثناء على الصحابة وعلى التابعين، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " وقد روي عن الحسن البصري أنه ذكر عنده الجمل وصفين، فقال: تلك دماء طهر الله منها أسيافنا فلا نلطخ بها ألسنتنا.
ثم إن تلك الأحوال قد غابت عنا وبعدت أخبارها على حقائقها، فلا يليق بنا أن نخوض فيها، ولو كان واحد من هؤلاء قد أخطأ لوجب [أن يحفظ رسول الله صلى الله عليه وآله فيه ومن المروءة] أن يحفظ رسول الله صلى الله عليه وآله في عائشة زوجته وفي الزبير ابن عمته وفي طلحة الذي وقاه بيده.
ثم ما الذي ألزمنا وأوجب علينا أن نلعن أحدا من المسلمين أو نبرأ منه؟
وأي ثواب في اللعنة والبراءة؟ إن الله تعالى لا يقول يوم القيامة للمكلف لم لم تلعن؟ بل قد يقول: لم لعنت؟ ولو أن إنسانا عاش عمره كله لم يلعن إبليس لم يكن عاصيا ولا آثما، وإذا جعل الإنسان عوض اللعنة " استغفر الله " كان خيرا له.
ثم كيف يجوز للعامة أن تدخل أنفسها في أمور الخاصة؟ وأولئك قوم كانوا أمراء هذه الأمة وقادتها، ونحن اليوم في طبقة سافلة جدا عنهم، فكيف يحسن بنا التعرض لذكرهم؟ أليس يقبح من الرعية أن تخوض في دقاق أمور الملك وأحواله وشؤونه التي تجري بينه وبين أهله وبني عمه ونسائه وسراريه؟
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله صهرا لمعاوية وأخته أم حبيبة تحته، فالأدب أن تحفظ أم حبيبة - وهي أم المؤمنين - في أخيها.
وكيف يجوز أن يلعن من جعل الله تعالى بينه وبين رسوله مودة؟ أليس المفسرون كلهم قالوا: هذه الآية أنزلت في أبي سفيان وآله، وهي قوله تعالى: