جعفر: نعم، فقال: اقرأه علي، فقرأ عليه صدرا من " كهيعص " فبكى حتى اخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى اخضلوا لحاهم.
ثم قال النجاشي: والله إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة والله لا أسلمكم إليهم.
قالت أم سلمة:
فلما خرج القوم من عنده، قال عمرو بن العاص: والله لأعيبهم غدا عنده بما يستأصل به خضراءهم، فقال له عبد الله بن أبي ربيعة - وكان أتقى الرجلين -: لا تفعل فإن لهم أرحاما، وإن كانوا قد خالفوا قال: والله لأخبرنه غدا إنهم يقولون في عيسى بن مريم: إنه عبد.
ثم غدا عليه من الغد فقال: أيها الملك! إن هؤلاء يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما! فأرسل إليهم فسألهم عما يقولون فيه، فأرسل إليهم قالت أم سلمة:
فما نزل بنا مثلها، واجتمع المسلمون وقال بعضهم لبعض: ما تقولون في عيسى إذا سألكم عنه؟ فقال جعفر بن أبي طالب: نقول فيه والله ما قال عز وجل وما جاء به نبينا عليه السلام كائنا في ذلك ما هو كائن.
فلما دخلوا عليه قال لهم: ما تقولون في عيسى بن مريم؟ فقال جعفر نقول:
إنه عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول.
قالت: فضرب النجاشي يديه على الأرض، وأخذ منها عودا وقال: ما عدا عيسى بن مريم ما قال هذا العود.
قالت: فقد كانت بطارقته تفاخرت حوله حين قال جعفر ما قال، فقال لهم النجاشي: وإن تفاخرتم!
ثم قال للمسلمين: إذهبوا فأنتم سيوم بأرضي - أي آمنون - من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم، ما أحب أن لي دبرا ذهبا وأني آذيت