بطريقا إلا أهدوا إليه هدية، ثم بعثوا بذلك مع عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السهمي، وأمروهما أمرهم، وقالوا لهما:
إدفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم.
ثم قدما إلى النجاشي، ونحن عنده في خير دار عند خير جار، فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته، قبل أن يكلما النجاشي، ثم قالا للبطارقة:
إنه قد فر إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم، وجاؤوا بدين لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إلى الملك أشراف قومهم لنردهم إليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه أن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم، فإن قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليه، فقالوا لهما: نعم.
ثم إنهما قربا هدايا الملك إليه فقبلها منهم، ثم كلماه فقالا له:
أيها الملك قد فر إلى بلادك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، جاؤوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا فيهم إليك أشراف قومنا من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم عليهم فهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم وعاينوه منهم.
قالت أم سلمة:
ولم يكن شئ أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي كلامهم.
فقالت بطارقة الملك وخواصه حوله: صدقا أيها الملك! قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم فليسلمهم الملك إليهما ليرداهم إلى بلادهم وقومهم، فغضب الملك، وقال: لا ها الله! إذا لا أسلمهم إليهما، ولا أخفر قوما جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على سواي، حتى أدعوهم وأسألهم عما يقول هذان في أمرهم، فإن كانوا كما يقولون أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهم وأحسنت جوارهم ما جاوروني