والنصر لأهل العراق، ودلائل الخذلان والادبار على أهل الشام.
فقال القوم لعلي: والله ما نراك أمرته إلا بالقتال.
قال: أرأيتموني ساررت رسولي إليه؟ أليس إنما كلمته على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون؟
قالوا: فابعث إليه فليأتك، وإلا فوالله اعتزلناك! فقال: ويحك يا يزيد!
قل له: أقبل إلي، فإن الفتنة قد وقعت!
فأتاه فأخبره، فقال الأشتر: أبرفع هذه المصاحف؟ قال: نعم، قال: أما والله! لقد ظننت أنها حين رفعت ستوقع خلافا وفرقة، إنها مشورة ابن النابغة!
ثم قال ليزيد بن هانئ: ويحك! ألا ترى إلى الفتح! ألا ترى إلى ما يلقون؟ ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا؟ أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه؟ فقال له يزيد أتحب أنك ظفرت هاهنا وأن أمير المؤمنين بمكانه الذي هو فيه يفرج عنه ويسلم إلى عدوه؟ قال: سبحان الله! لا والله لا أحب ذلك، قال: فإنهم قد قالوا له وحلفوا عليه: لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا عثمان أو لنسلمنك إلى عدوك.
فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم فصاح:
يا أهل الذل والوهن! أحين علوتم القوم وظنوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها؟ وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها وتركوا سنة من أنزلت عليه، فلا تجيبوهم أمهلوني فواقا (1) فإني قد أحسست بالفتح. قالوا:
لا نمهلك، قال: فأمهلوني عدوة الفرس فإني قد طمعت في النصر. قالوا: إذن ندخل معك في خطيئتك!
قال: فحدثوني عنكم وقد قتل أماثلكم وبقي أراذلكم متى كنتم محقين؟