الحسين عليهما السلام أتاه رجل فسأله عن مثل الذي سألتني عنه فقال له أبي عليه السلام: إن تمت ترد على رسول الله صلى الله عليه وآله ولى علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين، ويثلج قلبك ويبرد فؤادك وتقر عينك وتستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغت نفسك ههنا - وأهوى بيده إلى حلقه - وإن تعش ترى ما يقر الله به عينك وتكون معنا في السنام الأعلى، فقال الشيخ: كيف قلت: يا أبا جعفر؟
فأعاد عليه الكلام، فقال الشيخ: الله أكبر يا أبا جعفر إن أنا مت أرد على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين عليهم السلام، وتقر عيني ويثلج قلبي ويبرد فؤادي، واستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغت نفسي إلى ههنا، وإن أعش أرى ما يقر الله به عيني فأكون معكم في السنام الاعلى؟ ثم أقبل الشيخ ينتحب، ينشج ها ها ها حتى لصق بالأرض، وأقبل أهل البيت ينتحون وينشجون لما يرون من حال الشيخ، وأقبل أبو جعفر عليه السلام يمسح بإصبعه الدموع من حماليق عينيه وينفضها، ثم رفع الشيخ رأسه فقال لأبي جعفر عليه السلام يا أبن رسول الله ناولني يدك جعلني الله فداك، فناوله يده فقبلها ووضعها على عينيه وخده، ثم حسر عن بطنه وصدره فوضع يده على بطنه وصدره، ثم قام فقال:
السلام عليكم وأقبل أبو جعفر عليه السلام ينظره في قفاه وهو مدبر ثم أقبل بوجهه على القوم فقال: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا. فقال الحكم بن عتيبة لم أر مأتما قط يشبه ذلك المجلس (1).
أقول: العنزة: العصا في أسفله حديد. ثلج القلب: اطمئنانه. الانتحاب: البكاء بصوت طويل. النشج: صوت معه توجع وبكاء. حملاق العين: باطن أجفانها الذي يسود بالكحل. الحسر: الكشف.
368 / 5 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن