إن لك اليوم لشأنا ما كنت تصنع هذا فيما مضى وقد كنا نمر بك كثيرا فما شأنك اليوم؟ فقال بحيرا: صدقت قد كان ما تقول، ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاما تأكلون منه كلكم فاجتمعوا إليه، وتخلف رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة، فلما نظر بحيرا في القوم لم ير الصفة التي يعرفها ويجدها عنده، فقال: يا معشر قريش لا يتخلف أحد منكم عن طعامي هذا، قالوا له: يا بحيرا ما تخلف عنك أحد ينبغي أن يأتيك، إلا غلام هو أحدث القوم سنا تخلف في رحالهم، قال: فلا تفعلوا أدعوه فليحضر هذا الطعام معكم، فقال رجل من قريش مع القوم: واللات والعزى ان هذا للؤم بنا ان يتخلف ابن عبد الله ابن عبد المطلب عن الطعام من بيننا، قال: ثم قام إليه عمه الحرث بن عبد المطلب كما في السيرة النبوية بهامش ص 105 من السيرة الحلبية ط 2 سنة 1329 فاحتضنته ثم اقبل به حتى أجلسه مع القوم، فلما رآه بحيرا جعل يلحظه لحظا شديدا، وينظر إلى أشياء جسده قد كان يجدها عنده في صفته حتى فرغ القوم من الطعام، وتفرقوا، قام بحيرا فقال له يا غلام أسألك بالات والعزى إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه، وإنما قال له بحيرا ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما فزعموا أن رسول الله (ص) مثلهم فقال له: لا تسألني باللات والعزى شيئا قط فوالله ما أبغضت بعضهما شيئا قط، فقال له بحيرا:
فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه، فقال: سلني عما بدا لك، فجعل يسأله عن أشياء من حاله من نومه وهيئته وأموره، فجعل رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده، قال: فلما فرغ منه أقبل على عمه أبي طالب فقال له: ما هذا