فكيف لنا بمعرفة ذلك؟ قال الرضا عليه السلام: أما المعرفة فوجه ذلك وبابه أنك تذكر الحروف إذا لم ترد بها غير أنفسها ذكرتها فردا فقلت: ا ب ت ث ج ح خ حتى تأتي على آخرها فلم تجد لها معنى غير أنفسها، فإذا ألفتها وجمعت منها أحرفا 1) وجعلتها اسما وصفة لمعنى ما طلبت ووجه ما عنيت كانت دليلة على معانيها داعية إلى الموصوف بها، أفهمته؟ قال: نعم.
قال الرضا عليه السلام: واعلم أنه لا يكون صفة لغير موصوف ولا اسم لغير معنى ولا حد لغير محدود، والصفات والأسماء كلها تدل على الكمال
____________________
1) ظاهره أن كل معنى تدل عليه الحروف بعد تأليفها يكون ذلك المعنى حادثا. وأما الأسماء الدالة على الرب تعالى، فإنما وضعت لمعان محدثة ذهنية، وهي دالة عليه تعالى ولم توضع تلك الحروف أولا لكنه حقيقته المقدسة ولا لكنه صفاته الحقيقية، لأنها إنما وضعت لمعرفة الخلق ودعائهم بها، ولا يتمكنون من الوصول إلى كنه الذات والصفات، ولذا قال لم يك الا لمعنى لم يكن قبل ذلك شيئا، وان أمكن أن يكون المراد بها غير أسماء الله تعالى.