واعلم أن كل ما أوجدتك الحواس فهو معنى مدرك للحواس وكل حاسة تدل على ما جعل الله عز وجل لها في إدراكها، والفهم من القلب بجميع ذلك كله.
واعلم أن الواحد الذي هو قائم بغير تقدير ولا تحديد خلق خلقا مقدرا بتحديد وتقدير، وكان الذي خلق خلقين اثنين التقدير والمقدر 2)، فليس في كل واحد منهما لون ولا ذوق ولا وزن، فجعل أحدهما يدرك
____________________
قلنا إنه خلق لأن هذه النسبة والتأثير غيره تعالى، وهو محدث، وكل محدث معلول، فلا يتوهم أنه خلق يحتاج إلى تأثير آخر، وهكذا حتى يتسلسل، بل ليس في الحقيقة الا الرب ومخلوقه الذي أوجده، والايجاد معنى صار سببا لوجود المعلول بتأثيره تعالى، فكل شئ خلقه الله لم يعد ولم يتجاوز أن يصدق عليه أن الله خلقه، كما تقدم في قوله عليه السلام (خلق الله المشيئة بنفسها ثم خلق الأشياء بالمشيئة).
1) والابداع مما يقع عليه الحدود ويعرف بالتعريفات الكاشفة عنه فيكون مخلوقا.
2) قال بعض الاعلام: لعله إشارة إلى الخلق الأول، وهو الحروف، ففي خلق الحروف يخلق شيئان: حرف وتحديد وتقدير قائم به، وليس شئ من الحرف والعرض القائم به ذا ألوان ووزن وذوق (وجعل أحدهما يدرك بالآخر) أي: الحرف يدرك بالحدود القائمة به، فيعرف بأنه شئ محدود، أو المعنى أنه لو لم يكن شيئا محدودا لم يكن مدركا بالحواس، وجعل الحرف وحده كليهما
1) والابداع مما يقع عليه الحدود ويعرف بالتعريفات الكاشفة عنه فيكون مخلوقا.
2) قال بعض الاعلام: لعله إشارة إلى الخلق الأول، وهو الحروف، ففي خلق الحروف يخلق شيئان: حرف وتحديد وتقدير قائم به، وليس شئ من الحرف والعرض القائم به ذا ألوان ووزن وذوق (وجعل أحدهما يدرك بالآخر) أي: الحرف يدرك بالحدود القائمة به، فيعرف بأنه شئ محدود، أو المعنى أنه لو لم يكن شيئا محدودا لم يكن مدركا بالحواس، وجعل الحرف وحده كليهما