____________________
1) نزلت الآية في هلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، وكعب بن مالك، من الأوس والخزرج، وكان كعب بن مالك رجل صدق غير مطعون عليه، وإنما تخلف عن الغزو توانيا عن الاستعداد حتى فاته المسير وانصرف رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال:
والله مالي من عذر، ولم يعتذر إليه بالكذب، فقال صلى الله عليه وآله: صدقت قم حتى يقضي الله فيك أمره، وجاء الآخران فقالا مثل ذلك وصدقا، فنهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن مكالمتهم، وأمر نساءهم باعتزالهم، حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فأقاموا على ذلك خمسين ليلة، وبنى كعب خيمة على سلع يكون فيها وحده، ثم نزلت التوبة عليهم بعد الخمسين في الليل، وهي قوله (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) الآية. فأصبح المسلمون يبشرونهم، وتصدق كعب بثلث ماله شكرا لله على توبته.
والمعنى أن هؤلاء موقوفون لما يرد من أمر الله تعالى فيهم: (إما يعذبهم واما يتوب عليهم) والله سبحانه عالم بما يصير إليه أمرهم، ولكنه سبحانه خاطب العباد بما عندهم. وهذا يدل على صحة مذهبنا في جواز العفو عن العصاة، لأنه سبحانه بين أن قوما من العصاة يكون أمرهم إلى الله ان شاء عذبهم، وان شاء قبل توبتهم، فعفى عنهم. ويدل أيضا على أن قبول التوبة تفضل من الله سبحانه، لأنه لو كان واجبا لما جاز تعليقه بالمشيئة، والله عليم بما يؤول إليه حالهم (2).
وأما انطباق الآيات السابقة على البداء، سيما ما ورد واشتهر في الاخبار من أنه عبارة عن تقدير الأشياء واثباتها في الألواح السماوية ومحوها وتغييرها بحسب الأوقات والمصالح، فلا يخفى ما فيه من الخفاء، وان حمل الخلق فيها على معنى التقدير. نعم يمكن أن يقال: إنه لما كان من معاني البداء الايجاد بعد
والله مالي من عذر، ولم يعتذر إليه بالكذب، فقال صلى الله عليه وآله: صدقت قم حتى يقضي الله فيك أمره، وجاء الآخران فقالا مثل ذلك وصدقا، فنهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن مكالمتهم، وأمر نساءهم باعتزالهم، حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فأقاموا على ذلك خمسين ليلة، وبنى كعب خيمة على سلع يكون فيها وحده، ثم نزلت التوبة عليهم بعد الخمسين في الليل، وهي قوله (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) الآية. فأصبح المسلمون يبشرونهم، وتصدق كعب بثلث ماله شكرا لله على توبته.
والمعنى أن هؤلاء موقوفون لما يرد من أمر الله تعالى فيهم: (إما يعذبهم واما يتوب عليهم) والله سبحانه عالم بما يصير إليه أمرهم، ولكنه سبحانه خاطب العباد بما عندهم. وهذا يدل على صحة مذهبنا في جواز العفو عن العصاة، لأنه سبحانه بين أن قوما من العصاة يكون أمرهم إلى الله ان شاء عذبهم، وان شاء قبل توبتهم، فعفى عنهم. ويدل أيضا على أن قبول التوبة تفضل من الله سبحانه، لأنه لو كان واجبا لما جاز تعليقه بالمشيئة، والله عليم بما يؤول إليه حالهم (2).
وأما انطباق الآيات السابقة على البداء، سيما ما ورد واشتهر في الاخبار من أنه عبارة عن تقدير الأشياء واثباتها في الألواح السماوية ومحوها وتغييرها بحسب الأوقات والمصالح، فلا يخفى ما فيه من الخفاء، وان حمل الخلق فيها على معنى التقدير. نعم يمكن أن يقال: إنه لما كان من معاني البداء الايجاد بعد