36 - باب الرد على الثنوية والزنادقة 1) وثانيها: أن معناه فمن يرد الله أن يثبته على الهدى يشرح صدره من الوجه الذي ذكرناه جزاء له على ايمانه واهتدائه، وقد يطلق الهدى ويراد به الاستدامة (ومن يرد أن يضله) أي: يخذله ويخلي بينه وبين ما يريده لاختياره الكفر وتركه الايمان (يجعل صدره ضيقا حرجا) بأن يمنعه الألطاف التي ينشرح لها صدره لخروجه من قبولها بإقامته على كفره.
وثالثها: أن معناه من يرد الله أن يهديه زيادة الهدى التي وعدها المؤمن يشرح صدره لتلك الزيادة، لان من حقها أن تزيد المؤمن بصيرة، ومن يرد أن يضله عن تلك الزيادة، بمعنى يذهبه عنها من حيث أخرج هو نفسه من أن يصح عليه يجعل صدره ضيقا حرجا لمكان فقد تلك الزيادة، لأنها إذا اقتضت في المؤمن ما قلناه أوجب في الكافر ما يضاده (1).
والرجس: العذاب.
باب الرد على الثنوية والزنادقة 1) المشهور من الثنوية أنهم ثلاث فرق، فلابد هنا من تحقيق مذاهبهم ليتضح هذه الأخبار الناعية عليهم، فنقول:
الفرقة الأولى: الديصانية، وهم أصحاب ديصان، أثبتوا أصلين نورا وظلاما، وقالوا: أن النور يفعل الخير قصدا واختيارا، والظلام يفعل الشر طبعا واضطرارا، فزعموا أن النور حي عالم قادر، ومنه يكون الحركة والحياة، والظلام ميت جاهل عاجز جماد لا فعل لها ولا تمييز، لكن الشر يقع منه طبعا، وزعموا أن المزاج إنما حصل من ملاقاة النور والظلمة وامتزاج بعض أجزائهما، وذكروا كيفية