سبق العلم، وجف القلم، ومضى القدر بتحقيق الكتاب وتصديق الرسل وبالسعادة من الله عز وجل لمن آمن واتقى وبالشقاء لمن كذب وكفر وبولاية الله المؤمنين وبراءته من المشركين، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عن الله أروي حديثي إن الله تبارك وتعالى يقول: يا ابن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد، وبفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي، وبعصمتي وعوني وعافيتي أديت إلي فرائضي، فأنا أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك مني، فالخير مني إليك بما أوليت بداء، والشر مني إليك بما جنيت جزاء، وبإحساني إليك قويت على طاعتي، وبسوء ظنك بي قنطت من رحمتي، فلي الحمد والحجة عليك بالبيان، ولي السبيل عليك بالعصيان، ولك جزاء الخير عندي بالاحسان، لم أدع تحذيرك، ولم آخذك عند عزتك، ولم أكلفك فوق طاقتك، ولم أحملك من الأمانة إلا ما أقررت به على نفسك 1) رضيت لنفسي منك ما رضيت لنفسك مني.
56 - باب الاستطاعة 1 - أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى،
____________________
1) يجوز أن يراد من الأمانة ما تقدم من التكاليف، والمعنى: لم أكلفك إلا بما أقررت بالقدرة عليه، ويجوز أن يراد بها الولاية في هذا العالم، لوقوع الاقرار بها في أخذ الميثاق عند عالم الذر، وبه وردت الروايات في تفسير (إنا عرضنا الأمانة).