وهذا الحديث يشعرنا بضخامة العمل الذي قام به الشيخ في مجال البحث الفقهي والأصولي، فقد كان المتقدمون من الفقهاء يقتصرون على الفروع المذكورة في نصوص الأحاديث، ويعرضون عن تفريع فروع جديدة على هذه الفروع، واستنتاج أحكام جديدة لم يتعرض لها النص بدلالة المطابقة.
وكان فقهاء المذاهب الأخرى يجدون في هذا الإعراض والاقتصار مجالا للمؤاخذة والتنقيص، ويعتبرون ذلك من آثار الإعراض عن الأخذ بالقياس والرأي، فحاول الشيخ أن يثبت تفاهة هذا الرأي، ويعلن خصوبة البحث الفقهي عند (الشيعة)، وعدم عجزه عن تناول فروع، ومسائل جديدة مستحدثة، وأن مدارك (الفقه الإمامي) لا تقصر عن استيعاب فرع من الفروع مهما كان. ولا يجد الباحث الفقيه فرعا لا يجد له في (أصول الفقه الإمامي وأحكامه) علاجا.
ووجد ثانيا جمود الفقهاء المتقدمين على ألفاظ ومباني وأصول خاصة حتى أن أحدهم يستوحش لو بدل لفظ مكان لفظ آخر، فحاول أن يقضي على هذا الجمود، ويعيد صياغة الفقه والاستنباط من جديد بما يراه من موازين، وأصول وقواعد تلائم مصادر التشريع.
ووجد ثالثا أن الفروع الفقهية مبعثرة خلال الكتب الفقهية بصورة مشوشة لا يجمعها جامع، ولا يضم بعضها إلى بعض بتبويب خاص فحاول أن يجمع بين النظائر، وينظمها في أبواب خاصة، ويضم المسائل بعضها إلى بعض وينسقها.
ووجد رابعا أن نصوص الحديث تعرض للاحتجاج بها على الحكم عرضا من غير أن يعالج، والحكم الشرعي يؤخذ من مدلول النص أخذا مباشرا من دون أن يتوسط بين العرض والعطاء صناعة ومعالجة، وكان