الفقهي فيما سبق هذا الدور - لا يتجاوز حدود بيان الحكم الشرعي باستعراض الروايات الواردة في الباب.
ولم نعهد من أحد من الفقهاء المتقدمين على هذا العصر محاولة معالجة فروع جديدة لم تتعرض لها الروايات.
والسر واضح، فلم يقدر للفقه الجعفري أن يدخل قبل هذا العصر دور المعالجة والصناعة، وتفريع فرع على فرع آخر، أو حكم شرعي أو قاعدة شرعية تحتاج إلى شئ أكثر من استعراض خصوص الأحكام والقواعد، فلا يتم ذلك عادة من غير المعالجة والصناعة.
وهذا لم يتوفر للبحث الفقهي قبل هذا العهد:
وربما يصح أن نقول: إن (الشيخ الطوسي) كان أول من قام بهذه التجربة في كتابه المبسوط، فقد ذكر في أول الكتاب أن الذي دعاه إلى تصنيفه أن (الإمامية) لم يكونوا يفرعون الفروع إلى زمانه، وكانوا يقفون عند النصوص التي وصلت إليهم عن المتقدمين من المحدثين، وكان ذلك من دوافع الطعن على (الفقه الجعفري)، فقام بهذه المحاولة لسد هذا الفراغ في البحث الفقهي.
3 - والظاهرة الثالثة من ملامح هذا العصر: هو ظهور (الفقه المقارن).
أو (الخلافي). فحينما تمركزت (المدرسة الشيعية) في الفقه في (بغداد) وفرضت وجودها على الأجواء العلمية في حاضرة العالم الإسلامي أثار ذلك أصحاب المذاهب الفقهية الأخرى، وأعلنوا المعارضة بوجه المدرسة بصورة صريحة، وأثاروا المسائل الخلافية بصورة حادة، وأدى ذلك إلى اصطدام فقهاء الشيعة بفقهاء المذاهب الأخرى في الندوات والمجالس العامة في المسائل الفقهية الخلافية، ومهما يكن من أمر، ومهما كانت الدوافع السياسية التي كانت تثير