فلا يمكن من وجهة منهجية فصل الدراسة الفقهية عن العوامل المحيطية والزمنية على صعيد البحث التاريخي.
فلا تنمو الدراسة الفقهية كظاهرة مفصولة عن الحياة الاجتماعية والمحيط والعوامل المحيطية، ولا يمكن عزل الفقه عن المؤثرات التي تتدخل في تكوين (التاريخ البشري). وإنما يجب ربط هذه الظاهرة بغيرها من الظواهر والعوامل المحيطية والزمنية، ليتاح لنا أن نتعرف على عوامل النمو والرشد فيها، وتأثرها بها.
و (العوامل) التي يجب أن تلحظ في (تطوير المدرسة الفقهية) والتي تتدخل في تكوين الدراسة الفقهية، والبحث الفقهي ثلاثة:
1 - (الزمان:
ولا نعني بالزمان ما يعني به عادة من مرور الدقائق والساعات فذاك شئ لا يهمنا، وإنما نعني به العمل الناجز إلى حد زمني خاص فلا شك أن مستوى (الدراسة الفقهية) الناجزة عصر (الشهيد) يختلف عنه في عصر (شيخ الطائفة الطوسي)، وذلك يعني أن شيخ الطائفة الطوسي شرع العمل من مستوى أهبط من المستوى الذي شرعه الشهيد وأن الشهيد ابتدأ العمل ابتداء من المستوى الذي انتهى إليه الشيخ الطوسي والمحققون من بعده، وهذا العامل إذا له أهميته في دراسة (تطور البحث الفقهي).
2 - (المحيط):
ولا شك في تأثر البحث الفقهي ب (المراكز الثقافية) التي كان ينتقل إليها، فكل واحد من المراكز الفقهية التي ينقل فيها ويحول إليها (الفقه الشيعي) كان له طابع الثقافة الخاص، وكان له تأثير بالغ في تكوين (الدراسة الفقهية) وتطويرها.