ولم يخلقوا لها، وإنما خلقوا للون آخر من الحياة يملؤها النشاط والحركة والثورة، وكفاهم أن تكون النتيجة بعد ذلك بجانبهم والعاقبة لهم، وأن العمل لله.
وليس المهم بعد ذلك أن يلاقوا ألوانا من العنت والتعب، والمحنة والأذى، وأن يضحوا في سبيل ذلك بكل شئ: بأموالهم، وأولادهم ونفوسهم، وأن يريقوا في سبيل الله دماءهم.
وليس المهم لديهم أن تراق دماؤهم، وإنما المهم لديهم أن تروى جذور هذه الشجرة، وليس المهم أن يجتث العدو رؤوسهم من أجسامهم وإنما المهم لديهم أن تترسخ أصول هذا الدين في قلوب الناس، وليس المهم أن لا يفتحوا بعد عيونهم على الشمس وإنما المهم لديهم أن يستمر إشعاع هذه الرسالة على وجه الأرض، وليس المهم أن تتقطع حياتهم على ظهر هذا الكوكب، وإنما المهم أن يعيش هذا الدين.
فحياتهم حياة الرسالة، واستمرارهم على وجه الأرض استمرار هذا الدين، وسكونهم وحركتهم وسعيهم وقف لهذا الدين.
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (1) تلك لمحة عن حياة العاملين، وعن تأثيرهم في الحياة.
وكان (الشهيد) من هؤلاء العاملين، وعلى القمة من العمل الإسلامي.
كانت حياته سلسلة طويلة من الجهاد والكفاح والعمل والحركة ولم يعرف في حياته يوم كان يعيش مع الناس، ويضطرب معهم في مسالك الحياة معنى لما يسمى بالراحة والسكون والاطمئنان.
كان اطمئنانه في الاضطراب، وسكونه في الحركة، وراحته .