ونقطة الانطلاق هذه في حياتهم الفكرية تفيدنا كثيرا في اكتشاف الملامح الأولى لمدرسة (الشهيد) في الفقه والكلام.
فلو رجعنا خطوة واحدة في حياة هؤلاء الفكرية إلى الوراء نجد أنهم - كما استعرضنا ذلك في حياتهم - قد تلمذوا جميعا على آية الله (العلامة الحلي) وكانوا من أخص تلامذته، وأبرز من حضر عليه في الفقه والكلام ولا شك أنهم أحدثوا بعض التغيير في المدرسة، وفي المذهب الذي كان يتبعه (العلامة) في الفقه والكلام.
إلا أن أصول المدرسة هي لم تتغير ونقلها تلامذته جميعا إلى تلميذهم الشهيد، وتأثر بها الشهيد تأثرا بالغا يبدو في كتاباته ومنهجه، كما سنرى فيما بعد.
فقد كان (العلامة الحلي) ذا عقلية ضخمة تمتاز بمؤهلات فكرية كثيرة يندر أن تحصل لأحد من العلماء، وبنسبة ضخامة عقليته يكون تأثيره عميقا في نفوس التلاميذ.
فقد بقي تلاميذ (الشيخ الطوسي)، وتلاميذ تلاميذه يتناقلون مدرسته في الفقه والحديث والتفسير قرونا متطاولة، حتى كثر فيها التجديد والتغيير وظهرت مدارس أخرى فيها.
وتلاميذ (العلامة) لم يقلوا عن تلاميذ (الشيخ الطوسي) تأثرا بمدرسة أستاذهم العلامة، فظلوا يتناقلون المدرسة بأصولها رغم ظهور تغييرات فيها قرنا من زمان.
فمدرسة الشهيد إذا في الفقه والكلام تعود في أصولها وجذورها إلى مدرسة العلامة الحلي.
ونعني بذلك أن الشهيد لم يحدث تغييرا في المدرسة، فقد أتيح للشهيد بفضل نبوغه الخاص ومؤهلاته الفكرية أن يضيف إلى المنهج أشياء ويطور