صمت، ولا تكلفت الامتناع بالصوم من الطعام والشراب والمسار، فأنت قد عزلت الله جل جلاله عن انه يستحق الصوم لامتثال أمره، وعن انه جل جلاله أهل عبادة لعظيم قدره، ولولا الرشوة والبرطيل (1) ما عبدته ولا راعيت حق احسانه السالف الجزيل، ولا حرمة مقامه الأعظم الجليل.
ومنها: ان تعتبر صومك إذا كان لك سعة وثروة في طعام الفطور نشطت لسعته وطيبته، وإذا كان طعام فطورك يكفيك ولكنه ما هم بلحم ولا ألوان مختلفة في لذته، فتكون غير نشيط في الصوم لعبادة الله جل جلاله به وطاعته، فأنت إنما نشطت لأجل الطعام، فذلك النشاط الزائد لغير الله مالك الانعام شبهة في تمام الصيام.
ومنها: ان تراعي عقلك وقلبك وجوارحك في زمان الصيام، فتكون مستمر النية الخالصة الموصوفة بالتمام، ومثال العوارض المانعة من استمرار النيات كثيرة في العبادات:
ومنها: ان تصوم بعض النهار بإخلاص النية ثم يعرض لك طعام طيب، أو زوجة قد تجملت لك وأنت تحبها، أو سفر فيه نفع، أو ما جرى هذه الأمور الدنيوية، يصير اتمام صيام ذلك النهار عندك مستثقلا ما تصدق متى تخلص منه وتوعد عنه، وأنت تعلم انك لو خدمك غلامك، وهو مستثقل لخدمتك ومستثقل من طاعتك، كان أقرب إلى طردك له وهجرانك وتغير احسانك.
ومنها: انه إذا عرض لك من فضل الافطار ما يكون أرجح من صيام المندوب فلا تستحيي من متابعة مراد علام الغيوب، وأفطر بمقتضي مراده ولا تلتفت إلى من يأخذ ذلك عليك من عباده.
ومثال هذا أن تكون صائما مندوبا فيدعوك أخ لك في الله جل جلاله إلى طعام قد دعاك إليه، فأجب داعي الله جل جلاله وامتثل أمر رسوله (2) صلوات الله عليه وآله في ترجيح الافطار على الصيام.