بفعاله ومقاله، فينبغي أن يكون تعظيم يوم ولادته على قدر شرف نبوته ومنفعته وفائدته.
وقد وجدت النصارى وجماعة من المسلمين يعظمون مولد عيسى عليه السلام تعظيما لا يعظمون فيه أحدا من العالمين، وتعجبت كيف قنع من يعظم ذلك المولد من أهل الاسلام ، كيف يقنعون أن يكون مولد نبيهم الذي هو أعظم من كل نبي دون مولد واحد من الأنبياء، ان هذا خلاف صواب الآراء، ولعله لو حصل لواحد من العباد مولود بعد إن كان فاقدا للأولاد لوجد من السرور وتعظيم المولد المذكور اضعاف مولد سيد النبيين وأعظم الخلائق عند رب العالمين، وهذا خلاف صفات العارفين (1) وبعيد من قواعد المسعودين وأهل اليقين:
فالله الله أيها العارف بالصواب المحافظ على الآداب المراقب لمالك يوم الحساب، أن يكون هذا يوم مولد خاتم الأنبياء (2) عندك دون مولد أحد ابدأ في دار الفناء، وكن ذلك اليوم عارفا ومعترفا بفضل الله جل جلاله عليك وعلى سائر عباده وبلاده بالنعمة العظيمة بانشاء هذا المولود المقدس وتعظيم ميلاده، وتقرب إلى الله جل جلاله بالصدقات المبرورة وصلوات الشكر المذكورة والتهاني فيما بين أهل الاسلام واظهار فضل هذا اليوم على الأيام، حتى تعرفه قلوب الأطفال والنساء ويصير طبيعة له منافعة ورافعة في دار الابتلاء ودار دوام البقاء.
ولا تقتد بأهل الكسالة أو المتهونين (3) بأمر الجلالة، أو الجاهلين لحقوق صاحب الرسالة، فان الواصف لأمر ولا يقوم بتعظيم قدره، والمادح بشكر ولا يعلم بما مدحه من شكره، ممن يكذب فعاله مقاله ويشهد عليه (بالخسران والخذلان) (4) أعماله.
فان الله جل جلاله وصف المعترفين بلسان مقالهم المخالفين لما يقولونه ببيان أفعالهم انهم كاذبون مفترون ومنافقون، فقال جل جلاله: (إذا جاءك المنافقون * قالوا نشهد انك