ذكره امتحنني في حياة نبينا صلى الله عليه وآله في سبعة مواطن فوجدني فيهن - من غير تزكية لنفسي بنعمة الله - له مطيعا، قال: فيم وفيم يا أمير المؤمنين؟ قال: أما أولهن فإن الله تبارك وتعالى أوحى إلى نبينا صلى الله عليه وآله بالنبوة وحمله الرسالة وأنا أحدث أهل بيتي سنا "، أخدمه في بيته وأسعى بين يديه في أمره، فدعا صغير بني عبد المطلب وكبيرهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله، فامتنعوا من ذلك وأنكروه وجحدوه ونابذوه واعتزلوه واجتنبوه وسائر الناس معصية له وخلافا " عليه (1) واستعظاما " لما أورد عليهم مما لم يحتمله قلوبهم ولم تدركه عقولهم، وأجبت رسول الله صلى الله عليه وآله وحدي إلى ما دعا إليه، مسرعا " مطيعا " موقنا "، لم تتخالجني في ذلك الأخاليج، فمكثنا بذلك ثلاث حجج، ليس على ظهر الأرض خلق يصلي ويشهد لرسول الله صلى الله عليه وآله بما آتاه الله غيري وغير ابنة خويلد - رحمها الله -.
ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
وأما الثانية يا أخا اليهود فإن قريشا " لم تزل تخيل الآراء وتعمل الحيل في قتل النبي صلى الله عليه وآله حتى إذا كان آخر يوم اجتمعت فيه في دار الندوة وإبليس الملعون لحاضر في صورة أعور ثقيف فلم يزل يضرب أمرها ظهورا " وبطونا " حتى اجتمعت آراؤها على أن ينتدب من كل فخذ من قريش رجل، ثم يأخذ كل رجل منهم سيفه، ثم يأتوا النبي صلى الله عليه وآله وهو نائم على فراشه فيضربوه بأسيافهم جميعا " ضربة رجل واحد فيقتلوه، فإذا قتلوه منعت قريش رجالها ولم تسلمه فيمضي دمه هدرا "، فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فأنبأه بذلك وأخبره بالليلة التي يجتمعون له فيها والساعة التي يأتون فراشه فيها، وأمره بالخروج في الوقت الذي خرج فيه إلى الغار وأنبأني رسول الله صلى الله عليه وآله بالخبر وأمرني أن أضطجع مضجعه وأن أقيه بنفسي، فأسرعت إلى ذلك مطيعا " له مسرورا " به ولنفسي على أن أفتك موطنا "، فمضى عليه السلام لوجهه واضطجعت مضجعه وأقبلت رجالات قريش موقنة في أنفسها بقتل النبي صلى الله عليه وآله فلما استوى بي وبهم البيت الذي أنا فيه نهضت بسيفي، فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الناس.
ثم أقبل على أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.