الغارات - إبراهيم بن محمد الثقفي - ج ١ - الصفحة ١٦٨
وأوفى الناس ذمة، وألينهم عريكة 1، وأكرمهم عشرة 2.
١ - في النهاية: " في صفته صلى الله عليه [وآله] وسلم -: أصدق الناس لهجة وألينهم عريكة، العريكة الطبيعة، يقال: فلان لين العريكة إذا كان سلسا مطواعا منقادا قليل الخلاف والنفور " وفي مجمع البحرين: " المؤمن لين العريكة، العريكة الطبيعة (فساق نحو ما في النهاية) ".
٢ - في الأصل والبحار: " عشيرة " على زنة فعيلة إلا أن المجلسي (ره) أشار في هامش البحار إلى أن عشرة من دون ياء في بعض النسخ وكذا في طبقات ابن سعد صريحا وهو الأنسب للمقام، ففي النهايةلابن الأثير: " والعشير المعاشر كالمصادق في الصديق لأنها تعاشره ويعاشرها وهو فعيل من العشرة [أي] الصحبة، وقد تكرر في الحديث ".
ثم لا يخفى أن ابن سعد قال في الطبقات في باب ذكر صفة خلق رسول الله (ص) ما نصه (ج ١ من طبعة بيروت، ص ٤١١) بهذه العبارة:
" أخبرنا سعيد بن منصور والحكم بن موسى قالا: أخبرنا عيسى بن يونس عن عمر مولى غفرة قال: حدثني إبراهيم بن محمد من ولد علي قال: كان علي إذا نعت رسول الله (ص) يقول: لم يكن بالطويل الممغط (فذكر الحديث إلى قوله: " أكرمهم عشرة " وزاد عليه قوله (ع):
" من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله ".
ونقل الحديث أيضا ابن عساكر في تاريخه مقطعا بحذف الإسناد قائلا في آخره (ج ١، ص ٣١٧): و " إسناد هذا الحديث منقطع ".
فليعلم أن في الأصل هنا بعد قوله (ع): " عشرة " هذه العبارة: بأبي من لم يشبع ثلاثا متوالية من خبز بر حتى فارق الدنيا ولم ينخل دقيقه " وهي ذيل رواية تقدمت في باب سيرته عليه السلام في نفسه (أنظر ص ٨٨) وبينا هناك أن وقوع هذه العبارة والروايات التالية لها بعد سبعة أوراق إنما هو كان لسبب تشويش النسخة التي كانت أصلا لهذه النسخة ومن ثم كتب الناسخ هناك " قد سقط من الأصل قائمة " والمظنون أن نسخة الغارات التي كانت عند المجلسي (ره) قد كانت هذه النسخة الموجودة عندنا القرائن تذكر في المقدمة إن شاء الله تعالى فذكر في سادس البحار هذه العبارة في ذيل هذه الرواية كما كانت في الأصل وأنت خبير بأن هذه العبارة لا ترتبط بهذا الحديث لأنها في بيان أوصافه الخلقية (بضم الخاء) والحديث في بيان أوصافه الخلقية (بفتح الخاء) فتدبر.
وأما الحديث فنقله المجلسي (ره) في سادس البحار في باب أوصافه (ص) في خلقته (ص ١٤٣، س ١١).
ونقل نحوه أيضا مرسلا عن المنتقى للكازروني عن علي - عليه السلام - لكن إلى قوله: " وأكرمهم عشرة " وبعدها: " من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله (فخاض في تفسير فقرات الحديث) " أنظر سادس البحار، الباب المذكور، (ص ١٤٢، س ٢٠).
أقول: العبارة الأخيرة المنقولة من المنتقى في حديث هو أيضا في أوصاف النبي (ص) ونقله ابن الشيخ الطوسي (ره) في أماليه على ما نقل عنه المجلسي (ره) في سادس البحار في باب أوصافه (ص ١٣٢، س ٢٨) هكذا: " من خالطه بمعرفة أحبه، ومن رآه بديهة هابه، غرة بين عينيه يقول باغته: لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وآله تسليما " فقال المجلسي (ره) في بيان له لمشكلات الحديث: " قوله: من رآه بديهة هابه، " قال الجزري أي مفاجأة وبغتة يعني من لقيه قبل الاختلاط به هابه لو قاره وسكونه، وإذا جالسه وخالطه بان له حسن خلقه، قوله: عزه بين عينيه تأكيد للسابق ويفسره اللاحق أي يظهر العز في وجهه أولا قبل أن يعرف، يقول باغته بالباء الموحدة والغين المعجمة أي من رآه بغتة، وفي بعض النسخ غره بالغين المعجمة والراء المهملة ولعله من الغر بالفتح بمعنى حد السيف فيرجع إلى الأول، أو هو بالضم بمعنى الغرة وهي البياض في الجبهة، وفي بعض النسخ ناعته بالنون والعين المهملة، ولا يخفى توجيهه ".
أقول: من أراد الاطلاع على سبيل البسط على أوصافه (ص) في خلقته فليراجع المفصلات ومنها باب أوصافه وشمائله في سادس البحار (ص ١٣٢ - ١٤٣) فإن فيه كفاية للمكتفي.
تبصرة - قد أورد علماء الإسلام جزاهم الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء في كتبهم في باب صفة رسول الله صلى الله عليه وآله أحاديث كثيرة في هذا المعنى بأسانيد مختلفة أكثرها عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إلا أن ما أورده المصنف (ره) هنا أجمع رواية في ذلك الباب، ومن ثم حذا حذو المصنف (ره) ابن هشام في السيرة النبوية في الاكتفاء بنقلها ونص عبارته فيها تحت عنوان " ذكر الإسراء والمعراج " (أنظر ج ١، ص ٤٠١ من طبعة مصر سنة ١٣٧٥ ه ق) هكذا: " وصف علي لرسول الله (ص)، قال ابن هشام: وكانت صفة رسول الله (ص) فيما ذكر عمر مولى غفرة عن إبراهيم بن محمد بن علي بن أبي طالب قال: كان علي بن أبي طالب (ع) إذا نعت رسول الله (ص) قال: لم يكن بالطويل الممغط (الحديث) " إلى قوله: " أكرمهم عشرة " ثم قال: " من رآه بديهة " إلى آخر ما أشرنا إليه نقلا عن ابن سعد. وتصدى السهيلي في الروض الآنف لشرحه (أنظر ج ٣ من طبعة القاهرة سنة ١٣٨٩ ه ق، ص ٤٣٨ - ٤٤٠) فمن أراد البسط فليراجع المفصلات كالطبقات لابن سعد. (ج ١ من طبعة بيروت، ص ٤١٠ - ٤٢٥) وتاريخ ابن عساكر (ج ١، ص ٣١٤ - ٣٢٤) ودلائل النبوة للبيهقي (ج ١ من طبعة مصر سنة ١٣٨٩ ه ق ص ١٩٧ - ٢٣٠) والخصائص الكبرى للسيوطي (ج ١، ص ١٧٨ - ١٩٠) وبحار - الأنوار للمجلسي (ج ٦ من طبعة أمين الضرب، ص ١٣٢ - ١٣٤) ومعاني الأخبارللصدوق (أنظر الباب الثلاثين، وهو في معنى ألفاظ وردت في صفة النبي (ص) ص 28 - 32 من الطبعة القديمة الحجرية بطهران سنة 1310) إلى غير ذلك من الكتب المبسوطة.