فقال لنا الخريت: أخبروني ما تريدون؟ - فقال له زياد وكان مجربا رفيقا:
قد ترى ما بنا من النصب واللغوب 1 والذي جئنا له لا يصلحه الكلام علانية على رؤوس أصحابك ولكن انزلوا وننزل ثم نخلو جميعا فنذاكر أمرنا وننظر فيه، فإن رأيت فيما جئنا له حظا لنفسك قبلته، وإن رأيت فيما أسمع منك أمرا أرجو فيه العافية لنا ولك لم أردده عليك، فقال له الخريت: انزل، فنزل، ثم أقبل إلينا زياد فقال: انزلوا على هذا الماء فأقبلنا حتى انتهينا إلى الماء فنزلنا به فما هو إلا أن نزلنا فتفرقنا ثم تحلقنا عشرة وتسعة وثمانية وسبعة يضعون طعامهم بين أيديهم فيأكلون ثم يقومون إلى ذلك الماء فيشربون، فقال لنا زياد: علقوا على خيولكم فعلقنا عليها مخاليها، ووقف زياد في خمسة فوارس أحدهم عبد الله بن وأل فوقف بيننا وبين القوم فانطلق القوم فتنحوا ناحية فنزلوا وأقبل إلينا زياد فلما رأى تفرقنا وتحلقنا قال: سبحان الله أنتم أصحاب حرب والله لو أن هؤلاء القوم جاؤوكم الساعة على هذه الحال ما أرادوا من غرتكم أفضل من حالكم التي أنتم عليها، عجلوا قوموا إلى خيولكم، فأسرعنا وتحشحشنا 2 فمنا من يتوضأ، ومنا من يشرب، ومنا من يسقي فرسه، حتى إذا فرغنا من ذلك كله أتينا زيادا وإذا في يده عرق ينهش 3 فنهشه نهشتين أو ثلاثا ثم أتى بإداوة فيها ماء فشرب منه ثم ألقى العرق من يده ثم قال: يا هؤلاء إنا قد لقينا العدو وإن القوم لفي عدتكم 4 ولقد حرزتكم 5 وإياهم فما أظن أحد الفريقين يزيد على