فان قيل: فلم جعل اثنتا عشرة تكبيرة فيها؟ قيل لأنه يكون في الركعتين اثنتا عشرة تكبيرة، فلذلك جعل فيها اثنتا عشرة تكبيرة.
فان قيل: فلم جعل في الأولى سبع، وخمس في الثانية ولم يسو بينهما؟ قيل: لان السنة في صلاة الفريضة ان يستفتح بسبع تكبيرات فلذلك بدأ هاهنا بسبع تكبيرات وجعل في الثانية خمس تكبيرات، لان التحريم من التكبير في اليوم والليلة خمس تكبيرات، وليكون التكبير في الركعتين جميعا وترا وترا.
فان قيل: فلم أمروا بالصوم؟ قيل: لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش ويستدلوا على فقر الآخرة، وليكون الصايم خاشعا ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا عارفا صابرا على ما أصابه من الجوع والعطش، فيستوجب الثواب مع ما فيه من الامساك عن الشهوات، وليكون ذلك واعظالهم في العاجل ورايضا لهم على أداء ما كلفهم ودليلا لهم في الاجر، وليعرفوا شدة مبلغ ذلك على أهل الفقر والمسكنة في الدنيا، فيؤدوا إليهم ما فرض الله لهم في أموالهم.
فان قيل: فلم جعل الصوم في شهر رمضان خاصة دون سائر الشهور؟ قيل:
لان شهر رمضان هو الشهر الذي انزل الله فيه القرآن، وفيه فرق الله بين أهل الحق والباطل كما قال الله تعالى (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) وفيه نبئ محمد وفيه ليلة القدر التي هي خير من الف شهر، وفيها يفرق كل أمر حكيم وهو رأس السنة، ويقدر فيها ما يكون في السنة من خير أو شر أو مضرة أو منفعة أو رزق أو أجل، ولذلك سميت ليلة القدر.
فان قيل: فلم أمروا بصوم شهر رمضان لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قيل لأنه قوة العباد الذي يعم فيه القوى والضعيف، وإنما أوجب الله الفرايض على أغلب الأشياء وأعم القوى ثم رخص لأهل الضعف، وإنما أوجب الله ورغب أهل القوة في الفضل، ولو كانوا يصلحون على أقل من ذلك لنقصهم، ولو احتاجوا إلى أكثر من ذلك لزادهم.