والايمان وكان في ذلك فساد الخلق أجمعين، فان قيل فلم لا يجوز أن يكون في الأرض إمامان في وقت واحد أو أكثر من ذلك قيل لعلل منا ان الواحد لا يختلف فعله وتدبيره، والاثنين لا يتفق فعلهما وتدبيرهما وذلك إنا لم نجد اثنين إلا مختلفي الهمم والإرادة فإذا كانا اثنين ثم اختلفت هممهما وارادتهما وكانا كلاهما مفترضي الطاعة لم يكن أحدهما أولى بالطاعة من صاحبه فكان يكون في ذلك اختلاف الخلق والتشاجر والفساد ثم لا يكون أحد مطيعا لأحدهما إلا وهو عاص للآخر فتعم المعصية أهل الأرض ثم لا يكون لهم مع ذلك السبيل إلى الطاعة والايمان ويكونون إنما أتوا في ذلك من قبل الصانع والذي وضع لهم باب الاختلاف وسبب التشاجر إذ أمرهم باتباع المختلفين.
ومنها: انه لو كان أمامين لكان لكل من الخصمين ان يدعو إلى غير الذي يدعو إليه الآخر في الحكومة ثم لا يكون أحدهما أولى بان يتبع صاحبه من الآخر فتبطل الحقوق والاحكام والحدود.
ومنها: انه لا يكون واحد من الحجتين أولى بالنظر والحكم والامر والنهى من الآخر فإذا كان هذا كذلك وجب عليهم ان يبتدؤا الكلام وليس لأحدهما ان يسبق صاحبه بشئ إذا كانا في الإمامة شرعا واحدا فان جاز لأحدهما السكوت جاز للاخر مثل ذلك، وإذا جاز لهما السكوت بطلت الحقوق والاحكام وعطلت الحدود وصار الناس كأنهم لا إمام لهم فان قيل لا يجوز أن يكون الامام من غير جنس الرسول قيل لعلل.
منها: انه كان الامام مفترض الطاعة لم يكن بد من دلالة تدل عليه ويتميز بها من غيره، وهي القرابة المشهورة والوصية الظاهرة، ليعرف من غيره ويهتدى إليه بعينه.
ومنها: انه لو جاز في غير جنس الرسول لكان قد فضل من ليس برسول على الرسول إذ جعل أولاد الرسول أتباعا لأولاد أعدائه كأبى جهل وابن أبي معيط لأنه