فمن جعل دعواكم في الخبر، وتكهنكم ما ليس فيه، وقفوكم مالا علم لكم به: أولى من مثل ذلك من غيركم؟ وإنما الحق في هذا - إذ دعواكم ودعوانا ممكنة أن يبقى الخبر لا حجة فيه لكم ولا عليكم، ولا لنا ولا علينا، هذا ما مخلص منه، فكيف ومعنا الدليل على كل ما قلناه؟ * وأما عثمان رضي الله عنه فان عبد الله بن يوسف حدثنا قال ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو كريب محمد بن العلاء وإسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه - كلاهما عن وكيع عن مسعر بن كدام عن جامع بن شداد قال سمعت حمران بن أبان قال: كنت أضع لعثمان طهوره فما أتى عليه يوم الا وهو يفيض عليه نطفة (1). فقد ثبت بأصح إسناد أن عثمان كان يغتسل كل يوم، فيوم الجمعة يوم من الأيام بلا شك، ولو لم يكن هذا الخبر عندنا، لوجب أن لا يظن بمثله رضي الله عنه خلاف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بل لا يقطع عليه إلا بطاعته، وان لم يعين ذلك في خبر، كما يقطع بأنه صلى الصبح في ذلك اليوم وسائر اللوازم له بلا شك وان لم يرو لنا ذلك * وأما عمر رضي الله عنه ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم، فهذا الخبر عنهم حجة لنا ظاهرة بلا شك، لان عمر قطع الخطبة منكرا على عثمان أن لم يصل الغسل بالرواح، فلو لم يكن ذلك فرضا عنده وعندهم لما قطع له الخطبة، وعمر قد حلف:
(والله ما هو بالوضوء) فلو لم يكن الغسل عنده فرضا لما كانت يمينه صادقة، والذي حصل من عمر بن الخطاب ومن الصحابة بلا شك فهو إنكار ترك الغسل، والاعلان بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل يوم الجمعة، ولا يجوز أن نظن بأحد من الصحابة رضي الله عنهم أن يستجيز خلاف أمره عليه السلام، مع قول الله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) فصح ذلك الخبر