رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال فلم ينتهوا فواصل بهم تنكيلا لهم، أفيسوغ في عقل أحد أن ذلك نسخ للنهي عن الوصال؟!
وكل ما أخبر عليه السلام أنه واجب على كل مسلم، وحق الله تعالى على كل محتلم، فلا يحل تركه ولا القول بأنه منسوخ أو أنه ندب، الا بنص جلى بذلك، مقطوع على أنه وارد بعده، مبين انه ندب أو أنه نسخ، لا بالظنون الكاذبة المتروك لها اليقين * هذا لو صح أن خبر عائشة كان بعد الايجاب للغسل (1) وهذا لا يصح أبدا بل في خبر عائشة دليل بين على أنه كان قبل الايجاب، لأنها ذكرت أن ذلك كان والناس عمال أنفسهم، وفي ضيق من الحال وقلة من المال، وهذه صفة أول الهجرة بلا شك والراوي لايجاب الغسل أبو هريرة، وابن عباس وكلاهما متأخر الاسلام والصحبة أما أبو هريرة فاسلامه اثر فتح خيبر، حين اتسعت أحوال المسلمين، وارتفع الجهد والضيق عنهم، وأما ابن عباس فبعد فتح مكة قبل موت رسول الله صلعم بعامين ونصف فقط، فارتفع الاشكال جملة والحمد لله رب العالمين واما حديث عمر فإنهم قالوا: لو كان غسل الجمعة واجبا عند عمر وعثمان ومن حضر من الصحابة رضي الله عنهم لما تركه عثمان ولا أقر عمر وسائر الصحابة عثمان على تركه وقالوا: فدل هذا على أنه عندهم غير فرض قال أبو محمد: هذا قول لا ندري كيف استطلقت (2) به ألسنتهم! لأنه كله قول بما ليس في الخبر منه شئ لا نص ولا دليل، بل نصه ودليله بخلاف ما قالوه أول ذلك أن يقال لهم: من لكم بأن عثمان لم يكن اغتسل في صدر يومه ذلك؟
ومن لكم بأن عمر لم يأمره بالرجوع للغسل؟
فان قالوا: ومن لكم بأن عثمان كان اغتسل في صدر يومه؟ ومن لكم بأن عمر أمره بالرجوع إلى الغسل قلنا: هبكم أنه لا دليل عندنا بهذا، ولا دليل عندكم بخلافه