ثم لو صح لهم ان عمر وعثمان قالا بأن الغسل يوم الجمعة ندب - ومعاذ الله من.
أن يصح هذا عنهما - فمن أين لهم تعظيم خلاف عمر وعثمان في هذا الباطل المتكهن؟ ولم يعظموا على أنفسهم خلاف عمر وعثمان بحضرة الصحابة رضي الله عنهم في هذا الخبر نفسه، في ترك عمر الخطبة، وأخذه في الكلام مع عثمان، ومجاوبة (1) عثمان له بعد شروع عمر في الخطبة، وهم لا يجيزون هذا * وكذلك الخبر الثابت من طريق مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن عمر قرأ السجدة على المنبر يوم الجمعة فنزل وسجد وسجدوا معه، ثم قرأها في الجمعة الأخرى فتهيئوا للسجود فقال لهم عمر: على رسلكم، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء.
فقال المالكيون: ليس العمل على هذا، وقال الحنفيون: السجود واجب * قال أبو محمد: أفيكون أعجب من هذا أو أدخل في الباطل منه أن يكون كلام عمر مع عثمان في الخطبة بما لا يجدونه فيه من إسقاط فرض غسل الجمعة - حجة عندهم، ثم لا يبالون مخالفة عمر في عمله وقوله بحضرة الصحابة رضي الله عنهم - إن السجود ليس مكتوبا علينا عند قراءة السجدة وفى نزوله عن المنبر للسجود إذا قرأ السجدة؟ أفيكون في العجب أكثر من هذا؟! وأن هذا إلى التلاعب أقرب منه إلى الجد * وكم قصة خالفوا فيها عمر وعثمان تقليدا لآراء من لا يضمن له الصواب في كل أقواله، كقول عثمان وعلى وطلحة والزبير وغيرهم: أن لا غسل من الايلاج إذا لم يكن هنالك إمناء (2) وكقول عمر وابن مسعود: من أجنب ولم يجد الماء فلا يجوز له التيمم ولا الصلاة ولو بقي كذلك شهرا وكما روى عن عمر وعثمان بالقضاء بأولاد الغارة (3) رقيقا لسيدها، ومثل هذا كثير جدا * وقال بعضهم: هذا مما تعظم به البلوى، فلو كان فرضا لما خفى على العلماء، قلنا: