ترك استعمال الماء خطأ، لأنه على أصلكم لا تنتقض بذلك صلاته، فكان اللازم على أصولكم أن يستعمل الماء ويبني على ما مضى من صلاته كما تقولون في المحدث ولا فرق، وهم لا يقولون هذا، فسقط قولهم * وأما المالكيون والشافعيون فجوابهم أن وجود الماء ينقضي الطهارة ويعيد التيمم مجنبا ومحدثا في غير الصلاة، ولا ينقض الطهارة في الصلاة * قال على: فكان هذا قولا ظاهر الفساد ودعوى عارية عن الدليل، وما جاء قط في قرآن ولا سنة ولا في قياس ولا في رأي له وجه ان شيئا يكون حدثا في غير الصلاة ولا يكون حدثا في الصلاة والدعوى لا يعجز عنها أحد، وهي باطل ما لم يصححها برهان من قرآن أو سنة، لا سيما قولهم: أن وجود المصلى (1) الماء في حال صلاته لا ينقض صلاته، فإذا سلم انتقضت طهارته بالوجود الذي كان في الصلاة، وان لم يتماد ذلك الوجود إلى بعد الصلاة، فذا أطرف (2) ما يكون!
شئ ينقض الطهارة إذا عدم ولا ينقضها إذا وجد! وهم قد أنكروا هذا بعينه على أبي حنيفة في قوله: ان القهقهة تنقض الوضوء في الصلاة ولا تنقضها في غير الصلاة * قال على: فإذ قد ظهر أيضا فساد هذا القول فقد ذكرنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ان التراب طهور ما لم يوجد الماء) فصح ان لا طهارة تصح بتراب مع وجود الماء إلا لمن اجازه له النص من المريض الذي عليه من استعماله حرج، فإذ ذلك كذلك فقد صح بطلان طهارة المتيمم إذا وجد الماء في صلاة كان أو في غير صلاة، وصح قول سفيان ومن وافقه، الا ان أبا حنيفة تناقض ههنا في موضعين أحدهما انه يرى لمن احدث مغلوبا ان يتوضأ ويبنى، وهذا احدث مغلوبا، فكان الواجب على أصله أن يأمره بأن يتوضأ ويبنى والثاني: أنه يرى السلام من الصلاة ليس فرضا، وأن من قعد في آخر صلاته مقدار التشهد فقد تمت صلاته، وانه ان احدث عامدا أو ناسيا فقد صحت صلاته