وأيضا فقد روى نحو قولنا عن ابن عباس أيضا، فصح قولنا وبالله تعالى التوفيق * وقد قال بعضهم: لما قال الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم) إلى قوله: (فتيمموا صعيدا طيبا) قال: فأوجب عز وجل الوضوء على كل قائم إلى الصلاة: فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات بوضوء واحد خرج الوضوء بذلك عن حكم الآية، وبقى التيمم على وجوبه على كل قائم للصلاة * قال علي رضي الله عنه وهذا ليس كما قالوا، لا سيما المالكيين والشافعيين المبيحين للقيام إلى صلاة النافلة بعد الفريضة بغير احداث تيمم ولا احداث طلب للماء، فلا متعلق لهاتين الطائفتين (1) بشئ مما ذكرنا في هذا الباب، وإنما الكلام بيننا وبين من قال بقول شريك، فنقول وبالله تعالى التوفيق: إن الآية لا توجب (2) شيئا مما ذكرتم، ولو أوجبت ذلك لأوجبت غسل الجنابة على كل قائم إلى الصلاة أبدا، وإنما حكم الآية في إيجاب الله تعالى الوضوء والتيمم والغسل إنما هو علي المجنبين والمحدثين فقط، بنص آخر الآية المبين لأولها، لقول الله تعالى فيها (وان كنتم جنبا فاطهروا وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) ولا يختلف اثنان من الأمة في أن ههنا حذفا دل عليه العطف (3) وان معنى الآية:: وان كنتم مرضى أو على سفر فأحدثتم أو جاء أحد منكم من الغائط، فبطل ما شغبوا به * بل لو قال قائل أن حكم تجديد الطهارة عند القيام إلى الصلاة إنما هو بنص الآية إنما هو على من حكمه الوضوء لا على من حكمه التيمم لكان أحق بظاهر الآية منهم لان الله تعالى لم يأمر قط بالتيمم في الآية الا من كان محدثا فقط، لا كل قائم إلى الصلاة أصلا، وهذا لا مخلص لهم منه البتة. فبطل تعلقهم في ايجاب تجديد
(١٣٢)