فأما ان تقدم بلفظ الاستفهام مثل ان يقول أتبيعني ثوبك بكذا فيقول بعتك لم يصح بحال نص عليه احمد، وبه يقول أبو حنيفة والشافعي ولا نعلم عن غيرهم خلافهم لأن ذلك ليس بقبول ولا استدعاء (الضرب الثاني) المعاطاة مثل أن يقول اعطني بهذا الدينار خبزا فيعطيه ما يرضيه أو يقول خذ هذا الثوب بدينار فيأخذه فهذا بيع صحيح نص عليه احمد فيمن قال لخباز كيف تبيع الخبز قال كذا بدرهم. قال زنه وتصدق به فإذا وزنه فهو عليه. وقول مالك نحو من هذا فإنه قال: يقع البيع بما يعتقده الناس بيعا، وقال بعض الحنفية يصح في خسائس الأشياء، وحكي عن القاضي مثل هذا قال يصح في الأشياء اليسيرة دون الكبيرة، ومذهب الشافعي رحمه الله أن البيع لا يصح الا بالايجاب والقبول، وذهب بعض أصحابه إلى مثل قولنا ولنا أن الله أحل البيع ولم يبين كيفيته فوجب الرجوع فيه إلى العرف كما رجع إليه في القبض والاحراز والتفرق، والمسلمون في أسواقهم وبياعاتهم على ذلك، ولان البيع كان موجودا بينهم معلوما عندهم، وإنما علق الشرع عليه أحكاما وبقاه على ما كان فلا يجوز تغييره بالرأي والتحكم، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه مع كثرة وقوع البيع بينهم استعمال الايجاب والقبول. ولو استعملوا ذلك في بياعاتهم لنقل نقلا شائعا، ولو كان ذلك شرطا لوجب نقله، ولم يتصور منهم اهماله والغفلة عن نقله، ولان البيع مما تعم به البلوى فلو اشترط له الايجاب والقبول لبينه صلى الله عليه وسلم بيانا عاما ولم يخف حكمه
(٤)