(فصل) وان شرط انه متى حل الحق ولم يوفني فالرهن لي بالدين أو فهو مبيع لي بالدين الذي عليك فهو شرط فاسد روي ذلك عن ابن عمر وشريح والنخعي ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم أحدا خالفهم. والأصل في ذلك ما روى معاوية بن عبد الله بن جعفر قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يغلق الرهن " رواه الأثرم. قال الأثرم قلت لأحمد ما معنى قوله " لا يغلق الرهن "؟
قال لا يدفع رهنا إلى رجل ويقول إن جئتك بالدراهم إلى كذا وكذا وإلا فالرهن لك قال ابن المنذر هذا معنى قوله " لا يغلق الرهن " عند مالك والثوري وأحمد، وفي حديث معاوية بن عبد الله بن جعفر ان رجلا رهن دارا بالمدينة إلى أجل مسمى فمضى الاجل فقال الذي ارتهن منزلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا يغلق الرهن " ولأنه علق البيع على شرط فإنه جعله مبيعا بشرط أن لا يوفيه الحق في محله والبيع المعلق بشرط لا يصح وإذا شرط هذا الشرط فسد الرهن. ويتخرج أن لا يفسد لما ذكرنا في سائر الشروط الفاسدة وهذا ظاهر قول أبي الخطاب في رؤوس المسائل واحتج بقوله النبي صلى الله عليه وسلم " لا يغلق الرهن " فنفى غلقه دون أصله فيدل على صحته ولان الراهن قد رضي برهنه مع هذا الشرط فمع بطلانه أولى أن يرضى به. ولنا أنه رهن بشرط فاسد فكان فاسدا كما لو شرط توفيته وليس في الخبر أنه شرط ذلك في ابتداء العقد فلا يكون فيه حجة (فصل) ولو قال الغريم رهنتك عبدي هذا على أن تزيدني في الاجل كان باطلا لأن الاجل لا يثبت في الدين الا أن يكون مشروطا في عقد وجب به فإذا لم يثبت الاجل لم يصح الرهن لأنه جعله في مقابلته ولان ذلك يضاهى ربا الجاهلية كانوا يزيدون في الدين ليزدادوا في الاجل (فصل) إذا كان له على رجل الف فقال أقرضني ألفا بشرط أن أرهنك عبدي هذا بالألفين فنقل حنبل عن أحمد ان القرض باطل وهو مذهب الشافعي لأنه قرض يجر منفعة وهو الاستيثاق بالألف الأول وإذا بطل القرض بطل الرهن. فإذا قيل أليس لو شرط أنه يعطيه رهنا بما يقترضه جاز؟ قلنا ليس هذا قرضا جر منفعة لأن غاية ما حصل له تأكيد الاستيفاء لبدل ما أقرضه وهو مثله والقرض يقتضي وجوب الوفاء وفي مسئلتنا شرط في هذا القرض الاستيثاق لدينه الأول فقد شرط استيثاقا لغير موجب القرض. ونقل مهنا ان القرض صحيح، ولعل أحمد حكم بصحة القرض مع فساد الشرط كيلا يفضي إلى جر المنفعة بالقرض أو حكم بفساد الرهن في الألف الأول وحده وصححه فيما عداه ولو كان مكان القرض بيع فقال بعني عبدك هذا بألف على أن أرهنك عبدي به وبالألف الآخر الذي علي فالبيع باطل رواية واحدة لأن الثمن مجهول فإنه جعل الثمن ألفا ومنفعة هي وثيقة بالألف